قال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط إن طبيعة الرسالة السامية التي تحملها هذه البلاد إلى العالمين وصفة المهمة الشريفة المسندة إليها باعتبارها بلدا جعله الله تعالى قبلة للمسلمين ومقصدا للعابدين وملتقى للإخوة في الدين ومثابة للناس مع ما أفاض عليها من خيرات وبركات جعلت منها قوة اقتصادية رئيسة يعتد بها في الملمات ويرجع إليها في الأزمات والمضائق المستحكمات كل أولئك مما يوجب لهذه البلاد خصوصية أمنية تستوجب من كل عاش على أرضها اخذ بحظه من خيراتها أن يكون له في الحفاظ على أمنها نصيب برعايته حق رعايته والعناية به وبذل الوسع في ذلك ، فإن أمن هذه البلاد وقوتها ورخاؤها امن وقوة ورخاء للمسلمين أجمعين لا يرتاب في ذلك عاقل منصف متجرد من أقذار الضغائن والأحقاد بعيد من تأثير الدعايات المظللة والمذاهب التي لا تسندها الأدلة ولا تقوم على صحتها البراهين . وأضاف الشيخ أسامة خياط يقول: إذا كان للجهات المختصة بالأمن دورها المباشر والمؤثر الذي تؤديه بكل حزم والحمد لله كثيرا على ذلك ونسأل الله لها المزيد من التوفيق والتسديد فإن لأهل هذه البلاد جميعا دورهم ولكل وافد عليها أيضا دوره الذي يتعين عليه القيام به ولا عذر له في التقاعس عنه أو التنصل منه لأن مظلة الأمن تظلهم جميعا ولأن الإخلال بالأمن أو الانتقاص منه مضر بهم جميعا ولأن التعاون والتضامن شأن المؤمن مع أخيه المؤمن كما جاء في الحديث (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) . وأكد فضيلته أن في التعاون على الخير ومنه التعاون على حفظ أمن المسلمين وحماية مقدساتهم ودرء الخطر عن ثرواتهم وخيراتهم امتثال لأمر الله الذي أمر به عباده في محكم كتابه في قوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ). وحث الشيخ أسامه خياط الجميع على العمل بالقيام بمسؤولياتهم كافة ومنها شكر الله على نعمة الأمن التي امتن بها على عباده في هذه البلاد ومنها الحذر من التسبب في الانتقاص منه أو الإخلال به بكل تصرف يضر ولا ينفع ويفرق ولا يجمع ويفسد ولا يصلح وبالحفظ على حفظ اللسان والقلم من كل كلام لا مصلحة فيه عبر مقالة تنشر أو حوار يذاع أو تصريح يبث أو غير ذلك من الوسائل فان مسؤولية الكلمة ومسؤولية الأمن لا تفترقان وبالعناية بهما ورعايتهما تكون السلامة بإذن الله من كل الآفات. وفي المدينةالمنورة أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم أن الله سبحانه شرع لعباده أنواعاً من الطاعات والقربات وأمرنا وأمر الأمم قبلنا بعبادة تقرب العبد من ربه وتثقل ميزان المؤمن يوم القيامة. واستشهد فضيلته بما قاله عليه الصلاة والسلام (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن) فيه ترفع درجاته وتزيد في حسناته ، قال عليه الصلاة والسلام (إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم ) مفيداً أن خير الخلق من كان مؤمناً واتصف بحسن الخلق قال عليه الصلاة والسلام (إن خياركم أحسنكم أخلاقاً). وهي أكثر ما يدخل الناس الجنة. وقال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال ( تقوى الله وحسن الخلق ) بها يكمن إيمان العبد ، أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وأعلى الدرجات في الآخرة لمن أداها. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي صحابته بها فقال لمعاذ ( اتقي الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن). وهي منجية برحمة الله من النار. قال عليه الصلاة والسلام ( اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فبكلمة طيبة). وبعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى الأخلاق الصالحة ، قال عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق). وأضاف فضيلته لقد اتصف الرسل عليهم السلام بأعالي الأخلاق وجميلها ، فنوح عليه السلام دعا قومه تسعمائة وخمسين عاماً صابراً عليهم وإبراهيم عليه السلام كان كريماً نزل به ضيفان فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين حنيذ وإسماعيل عليه السلام كان صادق الوعد ويوسف عليه السلام قال لمن كان سبباً في غربته وسجنه لا تثريب عليكم اليوم وموسى عليه السلام كان حيّياً لا يرى شيء من جلده ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الناس أخلاقاً وصفه الله بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم ). ونشأ وعاش متحلياً بكل خلق كريم مبتعداً عن كل وصف ذميم وكان أكرم الخلق نفساً فمارد سائلاً وأطلقهم وجهاً ، قال جرير رضي الله عنه (ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم) وأشدهم وفاءً إن مرض أحد من صحابته عاده وإن افتقده سأل عنه. وتابع يقول : كان أرحمهم قلباً يتعجل في صلاته إذا سمع بكاء صبي كراهة أن يشق على أمه وألينهم طبعاً إذا دخل بيته اشتغل في مهنة أهله وكان أعظمهم صبراً خرج من بيته والحجر على بطنه من الجوع فما اشتكى وأوسعهم عفواً قاتله أعداءه وأدموه ولما فتح مكة قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وأوفرهم حلماً آذاه قومه فسأله ملك الجبال أن يطبق عليهم جبلين فأبى وقال لعائشة رضي الله عنها (عليكِ بالرفق وإياكِ والعنف والفحش) ولم يضرب شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً. وأشار الشيخ القاسم إلى أن على هذا النهج القويم من الإيمان بالله وعلو الخلق سار الصحابة رضي الله عنهم فكانوا ذا خلق جم مع النبي صلى الله وعليه وسلم ، قال عروة رضي الله عنه (إذا أمرهم النبي صلى الله وعليه وسلم ابتدروا أمره وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يُحدون إليه النظر تعظيماً له ، وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: (ما كان أحد أحب إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ) . وكان الصحابة رضي الله عنهم مثالاً في تبجيل بعضهم بعضاً ، قال عمر رضي الله عنه ( أبو بكر أحلم مني وأوقر) ، وعثمان رضي الله عنه تستحي منه الملائكة لحيائه. وقال فضيلته : فما أكرم العبد نفسه بمثل الإيمان بالله ودماثة الخلق ، وأصل الأخلاق التوحيد فمن فقده لم ينتفع بغيره ، قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : إن ابن جدعان – وكان من رؤساء قريش في الجاهلية - يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ينفعه فقال (إن ذلك لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) . وإذا تحلى المسلمون بأخلاق القرآن صلح المجتمع وكانوا دعاة خير إلى الدين بالقدوة والأفعال الحميدة .