أثرت الشجون ياشيخ طلال بن حسان بتلك الليلة المكية الجميلة بجمال مكة ورونقها وتلك الوجوه الصافية النظيفة والنخبة من رجال وأعيان مكةوجدة الذين حضروا حفل الملازم حسن ، نعم ياعمدة التيسير أشعر وكأني أنظر إلى تلك الوجوه التي غابت عنا ، وهذه الوجوه التي حضرت وأسأل المولى أن يبارك فيها، وهم يؤدون ذلك اللون الشعبي الأنيق المتوارث على مر الأزمنة هذا الفن الأصيل«الصهبة» حيث مازال هذا التراث موصولاً ، وكما يقول الزميل عبدالله أبكر هذا الشاب الذي دون كثيراً من هذا اللون في كتابه - صور من تراث مكةالمكرمة في القرن الرابع عشر الهجري - ومازالت كلما زارني طيف الشوق والذكريات أترحم على تلك النخبة الراحلة من الرواد الذين ادركناهم والذين يعتبرون من الطبقة الأولى. ولكني في تلك الليلة رأيت المجموعة الباقية التي تؤدي هذه الادوار في كثير من الأنغام مثل الحسيني ، والرصد ، والسيكا ، ونغم الحجاز، والجاركا وغيرها ومجموعة الصهبة الحجازية الذين أسأل الله أن يبارك في أعمارهم وعلى رأسهم العم محمد حبيب أطال الله عمره، وهذه الأدوار تتميز بالنغمات العذبة والكلام النظيف ، ويقول عبدالله ابكر ان هذه الفنون عربية الأصل والمنشأ ولها مسميات نسبية إلى بلدان فيقال - اليماني ، والمصري، والشامي ، والعراقي، ومعظم القصائدالتي تُغنى بها هذه الأدوار هي من الموشحات الأندلسية لابن خفاجة الأندلسي، وابن زيدون، ومن قصائد الشعراء القدامى مثل البرعي اليماني، وما يفرحنا ان هناك كثيراً من الشباب يحفظون مثل هذا الفن (الصهبه) وأدوارها ، وهذا ما يحفظ هذا التراث. من الأعماق العمدة طلال بن حسان عمدة حي التيسير جمعت في تلك الليلة المزهرة وجوهاً لطالما رأيناها تمتلىء نفوسهم صفاءً ونقاءً ومحبة في مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية هؤلاء الرجال الذين لا يصدون عنك بل يبسطون وجوههم بشراً وسروراً ، وأنت من الرجال الذين يأنس الجميع للجلوس معك لأنك تعرف قيم الوفاء والاخلاص في المحبة، لأنك ياشيخ طلال من النماذج المكية المشرفة والتي دائماً ما تستوقفني في محطات الحياة.