يبدأ فخامة الرئيس هو جينتاو رئيس جمهورية الصين الشعبية اليوم الثلاثاء زيارة للمملكة يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وسيتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وشهدت العلاقات بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية تطورا ونموا سريعا على مدى 18 عاما مضت منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين. وهذه هي الزيارة الثانية للرئيس هو جينتاو إلى المملكة بعد زيارته الأولى في إبريل عام 2006م الأمر الذي يعبر بكل وضوح عن اهتمام القيادة الصينية البالغة بعلاقات الصداقة والتعاون الإستراتيجية بين الصين والمملكة . وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد قام بزيارتين للصين الأولى في العام 1998م و الثانية في يناير عام 2006م. وأعطت الزيارات المتبادلة بين القيادات في المملكة والصين دافعاً قويا للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات . والمملكة هي أكبر شريك تجاري للصين في غربي آسيا وأفريقيا على مدى الثمان سنوات الماضية حيث تجاوز حجم التبادل التجاري الثنائي بين البلدين 8ر41 مليار دولار أمريكي عام 2008 , ويتوسع حجم التعاون بين الجانبين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والاستثمار والمقاولات وغيرها من المجالات الأخرى ويعود الفضل لهذه الانجازات إلى اهتمام وتأييد قيادتا البلدين وإلى تفعيل الجانبين مزايا التكامل الاقتصادي بين البلدين. ووصل عدد الشركات الصينية المسجلة في المملكة إلى 62 شركة وعدد العاملين فيها 8ر21 ألف عامل منهم 8ر15 ألف عامل صيني فيما بلغ عدد المشاريع التي قيد الإنشاء 105 مشروعات وإجمالي مبالغ العقود 282ر6 مليار دولار. وخلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبكين في شهر يناير عام 2006 م وقعت المملكة والصين على خمس اتفاقيات الأولى على بروتوكول حول التعاون فى مجال النفط والغاز الطبيعى وقطاع التعدين والثانية محضر الدورة الثالثة للجنة الصينية السعودية المشتركة للتعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى والفني والثالثة اتفاقية حول تجنب الازدواج الضريبي على الإيرادات والممتلكات ومنع التسرب الضريبي والرابعة اتفاقية قرض يستخدم لتطوير البنية الأساسية لمدينة اكسو بمنطقة شنجان الصينية والخامسة للتعاون فى مجال التدريب المهني بين وزارة التعليم الصينية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني. كما وقع البلدان خلال الزيارة التي قام بها الرئيس هو جينتاو رئيس جمهورية الصين الشعبية إلى المملكة في شهر إبريل 2006 م على اتفاقية التعاون الأمني بينهما . كما تم التوقيع على عقد أنظمة دفاعية , ومذكرة للتعاون في المجالات الصحية ومذكرة تفاهم حول التعاون التجاري الشامل بين شركة تشاينابترو كيميكا كوربور يشن (ساينوبك) وشركة الزيت العربية السعودية (ارامكو السعودية) . وفي المجال الثقافي وقعت المملكة والصين في عام 2002م اتفاقية للتعاون في مجال الثقافة والتربية والتعليم بين الجانبين , وأقيم معرض للصور الفوتوغرفية الصينية بعنوان التراث العالمي في الصين في الرياض وفي نوفمبر عام 2005م أقيم الأسبوع الثقافي الصيني في المملكة وعلى هامش الألعاب الأولمبية ببكين في أغسطس عام 2008م نظمت وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة فعاليات الثقافة والفنون والتراث الشعبي للمملكة لمدة 10 أيام في بكين أسهمت هذه الأنشطة بدور إيجابي في تعزيز التعارف ومشاعر الصداقة بين شعبي البلدين. وجسدت جهود الإغاثة والمساعدات التي قدمتها المملكة العربية السعودية إلى المنطقة المنكوبة بعد الزلزال الكارثي الواقع في منطقة سي تشوان الصينية جسدت مشاعر الصداقة العميقة التي يكنها الشعب السعودي تجاه الشعب الصيني ، وتركت أثرا عميقا في نفوس الشعب الصيني عامة وأهل المنطقة المنكوبة خاصة ، حيث يعتبر الشعب الصيني الشعب السعودي صديقا حقيقيا في وقت الشدة . ويبلغ عدد المسلمين في الصين 21 مليون نسمة وفيها أكثر من 30 ألف مسجد وأكثر من 40 ألف إمام ومنذ اتخاذ الصين سياسة الإصلاح والانفتاح إلى الخارج في عام 1978م ومع ارتفاع مستوى معيشة المسلمين باستمرار يزداد عدد الحجاج الصينيين إلى المملكة بشكل متواصل حيث بلغ عددهم في عام 2008م 21 ألف شخص. وأشاد سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة يانغ هونغ بالدور الرئيس الذي تقوم به المملكة في المنطقة ومعالجة قضاياها وبخاصة دور المملكة المهم في العالمين العربي والإسلامي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز مبينا أن الصين تقدر هذا الدور . وقال في لقاء صحفي عقده الأسبوع الماضي سلط فيه الضوء على علاقات التعاون بين المملكة والصين بمناسبة الزيارة المرتقبة للرئيس الصيني للمملكة (إن الصين والمملكة بلدان ناميان بحاجة إلى التنسيق المشترك) مبدياً ارتياح الحكومة الصينية لمدى العلاقات التي تربط البلدين الصديقين وأنها تسير نحو تعميق تلك العلاقات وتكامل التعاون الاقتصادي الصيني بالمملكة ومنها تعزز التعاون في السنوات الأخيرة فيما تحافظ الصين والمملكة على علاقات طيبة في كل المجالات . وأكد ترحيب الحكومة الصينية بالاستثمارات السعودية في الصين في المجالات المتفق عليها كما تشجع الحكومة الاستثمار الصيني في المملكة العربية السعودية مشيرا إلى قيام بعض الشركات الصينية باستثمارات مشتركة في مجالات عدة . ورأى السفير الصيني أن المملكة العربية السعودية منبع الحضارة الإسلامية وأنها مع حضارة الصين تحققان الاحترام والاستفادة والتفاعل فيما بينهما ضمن مجري التاريخ الطويل ، وقد ساهمت الحضارتان مساهمة بارزة في الحضارة البشرية مؤكدا أن الصين تولي إجراء الحوار الحضاري مع المملكة اهتماما بالغا باعتباره قناة مهمة لتعزيز الصداقة والتعارف بين شعبي البلدين. وبين أن العلاقات بين الصين والعرب قديمة وتاريخية وأن الصين تقف إلى جانب القضايا العربية في الأممالمتحدة بوصف الصين عضوا دائما في مجلس الأمن وتؤيد كل القرارات الصادرة المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط وقضايا الدول العربية في المناسبات المختلفة . واستعرض عددا من الأمثلة حول تعزيز الحوار بين الصين والعرب مشيرا إلى أنه في عام 2007م عقدت في الرياض “الدورة الثانية من ندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية” في إطار “منتدى التعاون بين الصين والدول العربية” حيث إن الجانب الصيني قدر عاليا مؤتمر الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة الذي عقد في العاصمة الأسبانية مدريد في يوليو عام 2008م بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ، والذي شاركت فيه الصين، كما حضر السفير تشانغ يه سوى مندوب الصين لدى الأممالمتحدة الجلسة الرفيعة المستوى بموضوع “الثقافة السليمة” والمنعقدة على هامش الدورة ال 63 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرة المملكة العربية السعودية . وأشار إلى أن الحكومة الصينية تعمل دائما على دفع مسيرة السلام في الشرق الأوسط وتدفع الأطراف المعنية في إيجاد حلول مناسبة للنزاعات وفق روح التفاهم وقرارات الأممالمتحدة المعنية ومبادرة السلام العربية . وأضاف يانغ هونغ لين (إن الصين بذلت جهودا كبيرة لتهدئة النزاع الأخير في غزة حيث أجرى الرئيس الصيني ووزير الخارجية اتصالات مع كل من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتوضيح موقف الصين.. كما قام مبعوث الصين الخاص لشؤون الشرق الأوسط بزيارة الدول المعنية في الشرق الأوسط للعمل لدى الأطراف المعنية) مبيناً أن الصين تأمل من الأطراف المعنية في الحفاظ على وضع الهدنة وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (1860 ) بشكل شامل وتدعيم استقرار وإعادة البناء في منطقة غزة .