على عكس معظم المحافظات العراقية ، لن تخوض محافظة كركوك التي يقطنها ما يقرب من 850 ألف نسمة انتخابات مجالس المحافظات في البلاد المقررة في 31 يناير الجاري. ويرجع ذلك إلى أن هذه المحافظة التي تشهد توترات عرقية وسياسية ليست مستعدة لانتقال سلمي وديمقراطي للسلطة. وقال نائب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن - خلال زيارته لمدينة كركوك الشهر الجاري - إن حل مشكلات كركوك سيشكل هدفا مهما لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وتتلخص تلك المشكلات تقريبا في أن التعددية العرقية والنفط الوفير إلى جانب ثقافة ديمقراطية واهنة ينتج عنها توتر سياسي حاد. وترجع أسباب التعددية العرقية في كركوك إلى تدفق موجات الهجرة المتتالية إلى المنطقة منذ عهد الإمبراطورية العثمانية. ويذكر أن المحافظة العراقية مقسمة الآن بين كل من الأكراد الذين يعتبرونها جزءا من (الوطن الكردي) ويرغبون في إخضاعها لسيطرة الحكومة الإقليمية الكردستانية ، والعرب الذين نقلوا إليها في إطار جهود الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الرامية ل)تعريب) الموارد النفطية للمحافظة ، والتركمان والمسيحيين الذين يخشون على نصيبهم إذا ما فرض أحد الطرفين الرئيسيين سلطته المطلقة على المنطقة. وتسبب النفط بالطبع في تصعيد التوتر العرقي المعتاد إلى وضع مهلك ملطخ بدماء الأكراد الذين قتلهم الرئيس العراقي الراحل عام 1991 في ما سمي بحملة (الأنفال) في المنطقة ، والبالغ عددهم 182 ألفا وفقا للإحصاءات الكردية. ومنذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 ، عندما عاد عشرات الآلاف من الأكراد المطرودين إلى ديارهم السابقة ليزداد الوضع الديموغرافي تعقيدا ، ظل العنف العرقي إحدى السمات الدائمة للحياة في المنطقة. وذكر جويدو شتاينبرج، وهو محلل للشأن العراقي بمعهد الشئون الأمنية والدولية الذي يتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا له، أن (مسألة كركوك تهدد استقرار البلاد بالفعل، لقد تأجج الصراع بين الحكومة المركزية والأطراف الكردية في الأشهر الأخيرة، وبدون حل سياسي ، فربما تكون النتيجة هي اندلاع العنف في كركوك وكافة المناطق التي تقع على حدود إقليم كردستان).