بدأ جنود الجيش والشرطة والسجناء والنازحون التصويت مبكرا أمس الأربعاء قبل انتخابات مجالس المحافظات في العراق، والتي ستحدد المشهد السياسي في أنحاء البلاد مع انسحاب القوات الأمريكية. ووجهت الدعوة إلى إجراء الجولة المبكرة للتصويت الخاص، لضمان أن يتمكن جنود الجيش والشرطة من القيام بعملهم في العملية الأمنية الكبيرة أثناء الانتخابات الرئيسية التي ستُجرى السبت المقبل، حيث سيُفرض حظر على سير العربات في الشوارع. وهذه الانتخابات هي الأولى في العراق منذ عام 2005، وإجراء الانتخابات سلميا سيكون أفضل اختبار لاستقرار العراق الضعيف وهو يخرج من سنوات الحرب الطائفية. ففي الجنوب الشيعي، يأمل رئيس الوزراء نوري المالكي في الفوز بتأييد في المحافظات التي هيمن عليها لفترة طويلة أحزاب منافسة. أما في أجزاء أخرى من البلاد، فيسعى السنة الذين قاطع كثيرون منهم الانتخابات المحلية السابقة إلى الفوز بنصيب أكبر في سلطة المحليات. وتمثل الانتخابات اختبارا مهما للمالكي الذي يواجه تصويتا في الانتخابات العامة المقرر أن تُجرَى في وقت لاحق هذا العام. وقال الجندي عابد خلف في مركز اقتراع في مدينة كركوك الشمالية حيث تأخرت الانتخابات الرئيسية إلى أجل غير مسمى، لكن القوات من أجزاء أخرى في العراق يمكنها التصويت: إن هذا هو تحديهم لكل إرهابي، ولكل معارض. وأشار إلى أنهم توجهوا للتصويت (ولا يشعر بالخوف لأن الشخص الأمين يجب ألا يخفي رأسه عن هذه الجماعات). ولفت القائد في المنطقة المقدم خليل كمال إلى أن رجاله سعداء لإدلائهم بأصواتهم، وأن هذا اليوم مثّل (عرسا لكل الجيش). لكن يبدو أن أجزاء أخرى من البلاد تشهد بعض المؤشرات على حدوث ارتباك. ففي سجن المعقل بمدينة البصرة الجنوبية اندلعت معارك بين الحراس والصحفيين الذين نقلوا إلى الداخل لتصوير فيلم عن التصويت. وتعرض عدة مصورين للضرب من جانب الحراس الذين اتهموهم بالتقاط صور تبين وجوه السجناء. ويوجد عشرات آلاف النازحين المسجلين للتصويت المبكر، وإن كانوا يشكلون جزءا صغيرا فقط مما يصل إلى 4 ملايين عراقي يعتقد أنهم فروا إلى الخارج، أو إلى أجزاء أخرى بالعراق أثناء سنوات القتال. ويُعتبر النجاح في اختبار إنجاز انتخابات ناجحة بمثابة امتحان مهم لقدرة القوات العراقية على المحافظة على السلام عندما يبدأ 140 ألف جندي أمريكي في الانسحاب. ويريد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الإسراع في إيقاع الانسحاب بعد أن وعد سلفه جورج بوش بسحب القوات بحلول نهاية عام 2011. وأقبل العراقيون على التصويت بحماس، وسجل نحو 14400 مرشح -بينهم نحو 4000 امرأة- أسماءهم للتنافس على 440 مقعدا بمجالس المحافظات. وعلقت اللافتات الانتخابية في أنحاء البلاد منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في عام 2003. ولم تشهد الحملة الانتخابية حتى الآن أي تصاعد في أعمال العنف التي كان يخشاها القادة الأمريكيون والعراقيون. ورغم اغتيال اثنين من المرشحين على الأقل؛ إلا أن الهجمات في مجملها بقيت في إطار المستويات المنخفضة منذ بدء الحرب.