مهما تعلم الإنسان وتزود من العلم والمعارف وتوصل للحصول على أعلى الشهادات والخبرات فهو يحتاج إلى الحكمة. قال الله تعالى: ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولوا الألباب) صدق الله العظيم الآية 269: البقرة. فنحن نحتاج في كل حياتنا للحكمة لنطبقها نستمدها من القرآن الحكيم، ومن أحاديث سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لتستنير بها قلوبنا وتعمل بها أحاسيسنا وعقولنا، كما علينا البحث عنها وإدراكها ، فهي نعمة وهبة من المولى جل شأنه يعطيها لمن يشاء من عباده، فما علينا سوى التفكير ومراجعة مداركنا ، ماضينا وحاضرنا نتذكر من كانوا قبلنا نستعيد ذكرياتهم وأحاديثهم نتذكر ممن علمونا نأخذ الأفضل من الكلام المعبر الشامل والمختصر والذي نستفيد منه ، عدت بذكرياتي للماضي أتذكر العديد من شيوخنا وأفاضلنا ممن لهم المكانة والذكرى الحسنة بيننا دارت في تخيلاتي كلمات لا يمكن أن أنساها كانت من شخص أحبه وأكن له كل احترام كان رجلاً حكيماً في كلامه جاداً في أفعاله وأعماله صارمة وأيضاً قراراته عشت معه أياماً وسنين لا يمكن أن تنسى ، أتذكر قوله لي أتعرف متى تستطيع أن تقول لا؟ قلت أفدني جزاك الله خيراً. قال هناك ثلاثة أشياء لابد أن تقول فيها لا. أولاً: ربَّ ابنك وابن الناس لا. ثانياً: أنفق من مالك ومن مال الناس لا. ثالثاً: فكر بعقلك وعقل الناس لا. كلمات شاملة ومختصرة تستشف منها الحكمة والنصيحة وتتعلم منها دروساً لا يمكن أن تنسى وكلمات لو تمعن فيها كلٌّ منا لأدرك تماماً أنه يحتاج إلى تطبيقها بكل دقة ولو طبقها في حياته لاستفاد منها الجميع ولعاش المجتمع بأسره بسلام، سألت السيد أحمد مساوي - رحمه الله تعالى - ممن تعلمت هذه الكلمات؟ أجاب ممن سبقونا من الجدود والعلماء ومن الحياة التي عشناها كلمات درر. إن تربيتي لابني تربية جيدة تهمني بهدف أن أساعده وأجعله إنساناً صالحاً والانفاق من مالي الذي وفرته كان من خلال الجد والجهد والتعب تجعلني أسعى لإنفاقه في كل ما هو مفيد ويعود عليه وعلى أبنائي بالخير وتحفظه من الضياع ، والتفكير بعقلي يوصلني لأن أعرف وأستنتج وأشعر أنني إنسان موجود له كيانه يهمه أن يعيش الحياة بمفهومها العقلاني الذي أعطاه المولى سبحانه وتعالى. يا إلهي كم نحتاج اليوم لأمثال هؤلاء الحكماء لنأخذ منهم العبر والمحاضرات التي قد لا يستطيع البعض من العلماء أن يعلمنا اياها ويساعدنا على غرسها في نفوسنا وترتاح لها قلوبنا.