أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله حق التقوى واتباع أوامره واجتناب نواهيه . وقال في خطبة الجمعة أمس (هاهو موسم الحج الأزهر ويومه الأغر الأكبر قد أضاءت في سماء الأمة أنواره فهيجت لواعج الأشواق لكل قاصد تواق , أليس هو رحلة التوبة والمغفرة والصفاء والتآلف والإخاء أيها الوفد الكرام حجاج بيت الله الحرام بكل الشرف والفخار وباسم قاطني هذه الديار نزف لكم ولامتنا الإسلامية التهاني معطرة بأطلال هذه المناسبة المبجلة جعلها الله بمنه وكرمه فواتح خير وبركة وانتصار واجتماع عزة وتآلف). وأضاف يقول (بلاد الحرمين الشريفين رعاة ورعايا أرضا وسماء يستبشرون بكم ضيفا عزيزا مرقوبا ووفدا كريما محبوبا مرحبا بكم في مهبط الوحي فطبتم وطاب ممشاكم وكرمتم وكرم مسعاكم وبلغكم المولى رجاكم ومناكم شعاركم تلبية مجلجلة بالتوحيد ضيوف الرحمن أيا من أضنيتم الأبدان وفارقتم الولدان والأوطان حاسري الرؤوس خاشعي النفوس امتثالا لأمر المنان وداعي خليل الرحمن وترتادون حمى الواحد الديان ومن دخله كان آمنا هنيئا لكم وقد كحلتم أعينكم برؤية ارض درج عليها الحبيب وانبثق منها نور الرسالة الرحيب على صاحبها الصلاة والسلام فليكن ذلك تقوية لأيمانكم وبعثا لعزائمكم نعم أيتها الوفود المباركة ها قد حقق الله سؤلكم وبلغكم مأمولكم فعاينتم البيت الأطهر والمكان الأزهر فيا لله كم لهذه البقاع الشريفة من محب يكابد الحنين ليتضمخ في جنباتها بعبق المغفرة والتقى). وأردف فضيلته يقول (أيها الحجاج الميامين أن هذا البلد الأمين قد اختصه العليم الحكيم بخصائص لاتبلى وأحكام في التنزيل تتلى يأتي في الذؤابة منها الأمن الوارف والأمان السابغ قال تعالى مقسما ومنوها (وهذا البلد الأمين) وقال عز شأنه (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) ولعظم منزلة هذا البيت وسمو مكانته هاهو الحبيب صلى الله عليه وسلم ينثر بين يدي أم القرى ذوب إحساسه بقوله عليه الصلاة والسلام (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولو لا إني أخرجت منك ماخرجت) . وشدد فضيلته على أن الله سبحانه وتعالى قد أحاط هذا الأمن بحصن منيع وتهديد مريع لمن قصده بريبة أو أمه بنكر وخطيئة فقال جل شأنه (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) وقال الشيخ السديس (ذلكم الأمن الأزلي المستمر والاطمئنان الرباني المستقر ولا غرو فهو بلد شريف بالمناسك مجده) مبيناً أن قدسية الحرمين الشريفين الشامخة وحرمتهما العظيمة الراسخة عقيدة أزلية ثابتة لاتغيرها العصور والمستجدات والأزمات وحاشا أن تخضع للمساومات والمزايدات زادها الله تشريفا وبلغ الحجيج منها أمانٍ لم تزل تنويها . وأكد فضيلته أن من أهم الأسس والمرتكزات وأعظم الأصول المهمات التي يجب تحقيقها من قبل الحجاج خاصة والمسلمين عامة تجريد التوحيد لرب العبيد ذلك أن أعظم منافع الحج ومقاصده وآثاره السنية وفوائده تحقيق التوحيد لله رب العالمين وكذلك التحقق بالإخلاص لأنه الأصل والنبراس وهو في الأقوال والأفعال أهم بناء وأساس يقول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (اللهم حجة لارياء فيها ولا سمعه). وقال فضيلته (ويلتحق بتلك الأصول أصل المحبة والتأسي والإتباع فمحبته صلى الله عليه وسلم اقتداء واهتداء قال صلى الله عليه وسلم (خذوا عني مناسككم) ولكن دون زيادة أو إحداث أو نقص مع استشعار لعظمة هذه الفريضة الجليلة ومقاصدها السامية النبيلة أليست هي الركن الخامس من أركان الإسلام وإحدى شعائره العظام , في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقوله صلى الله عليه وسلم مبشرا (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه). وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس يقول (أن شعيرة الحج في جوهرها البديع لتدعونا لاتخاذها منعطفا عمليا ومنارا ووثبة جادة لحل قضايانا وقد حل الأوان اغتنام شرف الزمان والمكان لمعالجة محن الأمة ونزاعاتها ووحر صدورها وخلافاتها إقليميا ودوليا وعالميا وان يكون هذا الاجتماع الرباني مسبارا للأعمال ورائدا للآمال وعهدا للتناصر وتثبيت الأواصر ونبذ التراخي وتأكيد التآخي (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا) لاسيما في أولى قضايانا الكبرى قضية أخواننا في الأرض المباركة فلسطين الذين جرحتهم ظلمات الحصار والخطوب وانقسامات الأخوة على شتى أهواء ودروب وإخواننا في بلاد الرافدين الذين قرحتهم مآسي الحروب فأين رابطة العقيدة أين أخوة الأيمان إننا باسم جموع الحجيج ننادي أخواننا في مواقع الحدث أن في الأمة خلافات ونزاعات وانقسامات كادت أن تضيع جوهر قضاياها وتحبط أمالها لكننا بحمد الله رغم ذلك كله لمتفائلون فلتبشري يافلسطين وغزة بالنصر والعزة أن هذه الشعيرة المباركة لئن نجزي للعالم أكتع الهدايات الربانية والرحمات المحمدية التي تهتف بالحق والعدل والأمن والسلام وترفرف بالرحمة والتسامح والصفاء والوئام وتنبذ الظلم والفساد والعنف والإرهاب والتفجيرات والقرصنة والإجرام مهما كانت أسبابه ودوافعه وما المبادرات البطولية الإنسانية العالمية إلا خير ما يختتم به العام ويزدان شرفا به الهام وتلك أمارة الكياسة والحكمة والتبجيل بين الأنام كلل الله الجهود بالقبول والتسديد انه جواد كريم). وأوصى فضيلته حجاج بيت الله الحرام بتعظيم البلد الحرام عما يدنسه حسا ومعنى وان يبادروا في تعظيم هذه الشعيرة المباركة روحا ومبنى وحذرهم من تعريضها للنقائض والفرطات وأوصاهم بالفقه في أحكام المناسك والتبصر فيها وأن يسلكوا لذلك كل سبيل وأن يسألوا العلماء والدعاة عما أشكل عليهم وأن يجعلوا من هذه المناسبة المانحة فرصة سانحة لحط الأوزار والذنوب وتكفير الخطايا واكتساب الحسنات ورفعة الدرجات قبل الندم والفوات وأن يتقوا الله وأن يعمروا أوقاتهم بالطاعات والازدلاف في الأيام العشر بمزيد القربات . وحيا فضيلته العاملين على راحة الحجيج في كافة الصعد والمواقع المدنية والأمنية وهنأهم بهذا الشرف العظيم والمرتبة السنية . وقال (من المنن التي يذكرها لسان الشاكرين التوافي على العشر الأول من ذي الحجة الميمون كيف وقد اقسم بها الباري في محكم كتابه وعظم شأنها فقال سبحانه (والفجر وليال عشر) كما حث النبي صلى الله عليه وسلم على انتهاز ساعاتها فياله من فضل عظيم وموسم بالخيرات وافر كريم فأكثروا فيه من الإحسان والطاعات مع التحلي بجميل السجايا وشريف الأخلاق والشمائل ولزوم السكينة والتزام النظام ويخط بكريم الوفادة ونبل الرفادة وحسن الإفادة الحجاج الميامين لأنهم الأحرى من حيث الهدوء والرفق والرحمة والتوجيه والإرشاد وحسن التعامل ويتأكد ذلك في حق القائمين على مؤسسات وحملات الحج والعمرة فليتقوا الله في وفود الرحمن وضيوف الملك الديان وأنهم بإذن الله لفاعلون وعند حسن الظن بهم صائرون). وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة أمس (إن قوافل الحجيج تؤم البيت الحرام وتقصد جزيرة الإسلام ودار السلام حشود ووفود في رحاب الحرمين الشريفين والمسجدين العظيمين والبلدتين المقدستين خرجوا من ديارهم يرجون ثواب الله وفضله ومغفرته ورحمته وهو الكريم الوهاب الرحيم التواب لا يرد من دعا ولا يخيب من رجا. الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوا وسألوه فأعطاهم. وأوضح فضيلته أن الحج يهدم ما قبله ومن حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، والحجة المبرورة ليس لها ثواب إلا الجنة ، وما من ملب يلبي إلا لبى مع يمينه وشماله من حجر أو شجر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هناك ، ومن طاف بالبيت وصلى ركعتين كانت كعتق رقبة ومن طاف بالبيت أسبوعاً ، أي سبعة أشواط ، لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة، ومسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطا. وأخرج بن حبان والبيهقي والطبراني وحسنه في صحيح الجامع عن بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً من الأنصار سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ما له في حجه من الثواب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ويمحو عنك سيئة وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول هؤلاء عبادي جاؤوني شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني فلو كان عليك مثل رمل عالج أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك وأما رميك الجمار فإنه مغفور لك وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك). وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي (الله أكبر ما أعظمه من تكريم وما أجله من ثواب عظيم. أيها الحجاج والعمار والزوار العقيدة جمعتكم ولحمة الدين نظمتكم. فتراحموا وتعاطفوا وتعاونوا ولا تدافعوا ولا تزاحموا ولا تقاتلوا ، ارحموا الضعيف وأرشدوا الضال وساعدوا العاجز المحتاج ، عليكم بالطمأنينة والتأني والوداعة والوقار والخشوع والسكينة واسألوا عما أشكل فإنما شفاء العي السؤال ، وصونوا حجكم عما لا يليق به من البدع والخرافات والمحدثات ولا تنحنوا لأموات ولا ترجوا شفاء من رفاة ولا تتبركوا بجدار أو باب ولا تتمسحوا بمنبر أو محراب وجانبوا المعاصي والآثام وحاذروا السباب والتنابز بالألقاب وإياكم والجدال والمراء والملاحاة والمنازعة والتلاسن والخصام واللغب من الكلام وأكثروا من التوبة والاستغفار وأظهروا التذلل والانكسار والندامة والافتقار والحاجة والاضطرار فإنكم في مساقط الرحمة ومواطن القبول ومظنات الإجابة والمغفرة والعتق من النار ، تذكروا جلالة المكان وشرف الزمان). وفي ختام خطبته سأل فضيلة الشيخ صلاح البدير الله جل وعلا أن يتلقى دعاء الحجاج بالإجابة واستغفارهم بالرضا وحجهم بالقبول وأن يجعل سعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً وحجهم مبرورأً.