في أكثر من مناسبة يجرى الحديث حول النزعة الاستهلاكية في مجتمعنا لاننا نعيش عصر الاستهلاك الوفير بكل أنواعه خصوصاً الاستهلاك التنافري إما لاثبات التميز الطبقي، أو لممارسة الوجاهة الاجتماعية من قبل الطبقات الفنية، او التقليد الأعمى من قبل الطبقات المتوسطة الفقيرة. وهكذا للأسف الشديد تصبح التنمية المستدامة بين الاسراف في الانفاق على السلع الكمالية، والتقييد في الانفاق على اشباع الحاجات الانسانية. ولا مفر اذن من ان نُعيد النظر في نماذج استهلاكنا والاكتفاء بالقدر المناسب والمعقول هو النموذج الأمثل لأي شيء في حياتنا التي تحقق لنا ما نرجوه في تحقيق أهداف التنمية الشاملة لبلادنا. اذن فإن الدعوة لاعادة النظر في أساليب استهلاكنا وتقديم نموذج بديل لها هو مفهوم الادخار كهدف قومي، لتحقيق نقلة نوعية في الاداء الاقتصادي الوطني.. لأن الادخار المحلي هو المصدر الآمن لتمويل مشروعات التنمية الوطنية، أي لتدبير التمويل اللازم لما تنطوي عليه هذه المشروعات الاستثمارية، وفي حالة عجز الادخار المحلي عن الوفاء نتيجة لتفوق ثقافة الاستهلاك على ثقافة الادخار، لا يكون أمام المجتمع سوى خيارين: إما تخفيض سقف الطموحات التنموية والرضا بمعدل أقل للتنمية واما اللجوء الى مصادر خارجية لسد الفجوة بين الادخار المحلي المتاح والتمويل اللازم لدعم التنمية الشاملة والمستدامة. اذن فإن توزيع أنماط الاستهلاك الباذخ الذي نمارسه في حياتنا يستوجب زرع ثقافة الادخار المحلي فيما بيننا من أجل رفع طاقاتنا الادخارية بما يصون رأس المال الشامل للمجتمع مما يؤمن الاستقرار في عملية التنمية الشاملة والمتواصلة.