من حق أي مسؤول أن يتفقد مرافق إدارته، وأن يقف على أعمالها ويصحح الأخطاء بها، ويساعد العاملين فيها لأن يقوموا بأعمالهم على أكمل وجه، وهذا ما حدث من مسؤول كبير في أواخر شهر رمضان المبارك الماضي، حيث قام بزيارة مفاجئة لإحدى مرافق إداراته، وهو متخف، وكان وراء هذا التخفي أن يقف على سير العمل دون أن يتعرف عليه معظم العاملين، وحتى من قد يتعرف عليه، فإنه لن يتعرف عليه من أول وهلة. ولكن السؤال المهم هو ماذا سيحدث بعد هذه الزيارات، هل ستكون ردة فعل العاملين في الإدارة عكسية أم إيجابية؟!. والإجابة على هذا التساؤل هو أن هذا المسؤول الذي يريد أن يعرف حقيقة ما يدور في إدارته شخصيا، وأن يقف على أرض الواقع مباشرة من دون رتوش أو تقارير قد تكون مخالفة للحقيقة، يقوم بمثل هذه الزيارات المفاجئة، التي توضح له الكثير من العيوب التي تدار بها الإدارة. لكن المشكلة تكمن بعد مغادرة هذا المسئول لموقع الزيارة، حيث يبدأ مديرو الإدارات ورؤساء الأقسام في البحث عن كبش فداء يقدمونه، ليغطوا به فشلهم وسوء إدارتهم وتقاعسهم في أداء واجباتهم بالصورة المرجوة!. فهم يفتقدون للشجاعة الكافية لأن يحاسبوا أنفسهم، أو أن يقدموها للمساءلة أو أن يتحملوا مسئولية تخبطهم الإداري!. فتجدهم يصدرون قرارات سريعة مجحفة بحق الأبرياء، إما بالعقاب أو الخصم أو التوبيخ أو الفصل، على الرغم من أن من يعاقبونهم، أبرياء لم يرتكبوا ذنبا، ولم يحدثوا خطأ. إن التعامل مع الناس يجب ألا يكون بهذه الطريقة، فهؤلاء أناس، آدميون، بشر، مسلمون، يؤدون واجباتهم على أكمل وجه، لم يرتكبوا ذنبا أو جرما ليعاملوا بهذه المعاملة التي تنم عن سوء تقدير، واتهام في غير محله، وترويع للآمنين. وعلى المسؤول المباشر على هذه الإدارات أن يتقي الله في هؤلاء الناس، لأنه سيحاسب حتما على ظلمه لهم، وتجنيه عليهم. أعود للمسئول الكبير الذي زار الإدارة (س) وخرج منها ليقوم مدير تلك الإدارة بفصل بعض الموظفين ظلما وعدوانا، بعد أن روعهم وأخافهم وهددهم، ومن بين هؤلاء السعودي وغير السعودي؟!. مما جعلهم يرفعون أيديهم يدعون عليه. ونحن نعرف أن دعوة المظلوم لا ترد. فليس بينها وبين الله حجاب. فيا أيها المسئول ويا أيها المدير ويا أيها الرئيس، لقد ولاك الله على الناس فكن رحيما بهم، لأنه من لا يرحم لا يرحم، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). وليس هذا معناه الدعوة إلى التقاعس في العمل أو عدم مساءلة المقصرين، ولكن ندعو إلى عدم ظلم الناس، وأن على المدير أو الرئيس أن تكون لديه الحكمة والدراية في إدارة عمله، وإلا فلتت الأمور من بين يديه، فينعكس ذلك أحكاما جائرة ظالمة تقع على الأبرياء ؟!. وكما يقول المثل الشعبي (يا ما في السجن من مظاليم).. سلمنا الله وإياكم من الظلم... فقد حرم الله الظلم على نفسه.....ويا أمان الخائفين.