سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خادم الحرمين الشريفين بشر بالحوار والانفتاح في الكثير من لقاءاته الأمم المتحدة تستضيف اليوم اجتماع حوار أتباع الأديان
فكرة حوار الأديان وجدت التأييد الكامل من علماء المملكة
مؤتمر مدريد جسد الصورة النموذجية للحوار بين أتباع الديانات
تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الاديان والتي تبلورت من قبل في مؤتمر مكةالمكرمة ومن بعد مؤتمر مدريد، تأتي اليوم مرحلة مهمة من تفاعل هذه الدعوة التي تبنتها الأممالمتحدة في اجتماع يعقد اليوم الاربعاء ويستمر حتى الغد الخميس خصيصاً لمناقشة الحوار بين اتباع الديانات والثقافات المعتبرة وهذا الاجتماع يأتي في المقام الأول تقديراً لأهمية هذه الدعوة التي أطلقها المليك المفدى من أجل أن يسود السلام والوئام العالم، كما تأتي ثانياً لتفعيل دور الأممالمتحدة تجاه الحوار باعتباره هدفاً تسعى اليه الأممالمتحدة نفسها، حيث ان استقرار الأمن والسلام العالميين من صميم واجبات المنظمة الدولية ويأتي انعقاد الاجتماع اليوم في الأممالمتحدة استكمالاً لدورته التي بدأها في مكةالمكرمة وواصلها في مدريد ليستقر في استضافة الأممالمتحدة بعد أن تم اصدار الكثير من التوصيات الايجابية والبناءة التي تصب في خدمة الإنسانية ويمكن للأمم المتحدة من خلال دورها الريادي ان تفعل هذه التوصيات بالنقاش الموسع وأن تصدر من القرارات ما هو كفيل بأن يجعل الحوار امراً واقعاً يتفاعل معه الناس كافة باختلاف مشاربهم ومذاهبهم ومعتقداتهم. والدعوة الى الحوار بين أتباع الديانات لم تأت من فراغ فهي في صميم فكر واهتمام خادم الحرمين الشريفين. وفي عام 2006م وخلال استقباله ايده الله لضيوف الجنادرية من العلماء والادباء والمفكرين ورجال الاعلام قال خادم الحرمين الشريفين في هذا الخصوص (في هذه الظروف التي تتعرض لها الأمة لهجوم يستهدف شريعتنا ورموزها وفكرها يصبح من واجب ابنائها ومفكريها على وجه الخصوص ان يبرزوا الوجه الحقيقي للأمة وجه التسامح والعدالة والوسطية وان يوضحوا للعالم كله ان ما تقوم به قلة قليلة من المتطرفين المتعصبين لا يعكس روح الأمة ولا تراثها ولا أصالتها بقدر ما يعكس الأوهام المدمرة التي تسكن عقول هؤلاء المجرمين). وقد سبق وأن أكد رعاه الله في حديث لوكالة ايتارتاس في الحادي والعشرين من شهر فبراير عام 2007م انه (ينبغي أن ندرك بأن جميع الحضارات الانسانية تنبع من منهل واحد كما أن الحضارات استفادت من بعضها البعض وحقائق التطور الانسانية تثبت بصورة جلية حقيقة التكامل فيما بين الحضارات.. وهذا ما ينبغي علينا أن ندركه ونعمل على ترسيخه بين الشعوب ضماناً لاحترام ثقافات بعضها البعض والوقوف في وجه كل دعاوى التقسيم والتفرقة والتميز فيما بينها). وقد جاءت الدعوة المباشرة لخادم الحرمين الشريفين للحوار بين الأديان خلال استقباله حفظه الله للمشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الاسلامي الذي عقد في الرياض خلال الفترة من 15 الى 17/3/1429ه حيث قال حفظه الله (قد سنحت لي هذه الفرصة لاطلعكم على ما يجول في خاطري، وارجو منكم أن تصغوا لهذه الكلمات القصيرة لاقتبس منكم المشورة.. فأنا أتأمل منذ سنتين الأزمة التي تعيشها البشرية جمعاء في وقتنا الحاضر.. ازمة أخلت بموازين العقل وجوهر الانسانية) ويستطرد خادم الحرمين الشريفين قائلاً (ويتبلور في ذهني ان أطلب من ممثلي أتباع الأديان السماوية الاجتماع كاخوة يشتركون في ايمانهم واخلاصهم لكل الاديان وتوجههم الى رب واحد للنظر في انقاذ البشرية مما هي فيه وعرضت الأمر على علمائنا في المملكة العربية السعودية ورحبوا بها ولله الحمد). المؤتمر الإسلامي العالمي وقد كانت مكةالمكرمة المحطة الاولى لتنفيذ ما دعا اليه خادم الحرمين الشريفين حيث نظمت رابطة العالم الاسلامي في التاسع والعشرين من شهر جمادى الأولى الماضي المؤتمر الاسلامي العالمي للحوار وخاطب خادم الحرمين الشريفين هذا المؤتمر مفتتحاً فعالياته مؤكداً حفظه الله ان دعوته للحوار هي لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الاسلام الخيرة دون عداوة واستعداء مشيراً الى أن عظمة الاسلام أسست لمفاهيم الحوار وحددت معالم الطريق، ويتجلى ذلك من قوله تعالى (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) ومن جوار بيت الله الحرام أعلن خادم الحرمين الشريفين انطلاق الحوار مع الآخر بثقة يستمدها من ايمانه بالله ثم بعلم يؤخذ من سماحة ديننا للمجادلة بالتي هي أحسن. وقد ركز المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار على التأصيل الاسلامي للحوار ووضع خطط مستقبلية موضوعية حيث إن النهج الإسلامي هو النهج الذي تلتزم به رابطة العالم الإسلامي في جميع مناشطها ومؤتمراتها وقد كانت محاور المؤتمر الخمسة تركز على التأصيل الاسلامي للحوار ومنهج الحوار وضوابطه وآيات الحوار ومع من تتحاور ومجالات الحوار. وبعد نقاش مستفيض وشامل لهذه المحاور اكد المؤتمر على أصالة مفهوم الحوار مع الآخرين في القرآن والسنة النبوية وابراز ضوابطه وآدابه واستلهام العبر والأحكام من معين الأصول الاسلامية ولاشك في أن انتقال الحوار مع مجموعات بشرية كبيرة كما اشار الى ذلك بعض العلماء والمفكرين يؤثر على تكامل العلاقات بين الأمم والشعوب ويقلل من فرص التعاون معها، كما أن الحوار سوف يسهم في تعريف الآخرين من أتباع الديانات والفلسفات الوضعية بالإسلام وما فيه من مبادىء الخير والبر والتفاهم والحث على التعايش المشترك والتعاون معها على الخير وفق ما تؤكد على ذلك رسالة الإسلام العالمية. ولذلك جاء البيان الختامي لمؤتمر مكةالمكرمة ليؤكد على هذه الحقائق ويوصي بتفعيل الحوار مع أتباع الديانات والثقافات حيث إن الحوار بين البشر كما أشار الى ذلك سماحة مفتي عام المملكة من ضروريات الحياة وهو وسيلة للتعارف والتعايش وتبادل المصالح بين الأمة وأن الخلاف بين الناس أمر موجود في طبائعهم وأخلاقهم وهم متفاوتون في ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم، وأن اختلاف الناس في آرائهم ومعتقداتهم قضية أقرها القرآن. مؤتمر مدريد العالمي لقد كان مؤتمر مكةالمكرمة مرحلة مهمة اذ من خلالها توحدت كلمة المسلمين ورؤيتهم للحوار مع الاخر وفق ما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف إذ إن الحوار مع الاخر لا ينتقص من الإسلام شيئاً بل يزيده ويقويه وبعد أن اكتملت كلمة المسلمين كان لابد من الانتقال الى الخطوة الثانية وهي خطوة الحوار مع الآخر، وقد كان مؤتمر مدريد العالمي الذي دعت اليه رابطة العالم الاسلامي هو المجسد لهذه الخطوة. ولأهمية المناسبة فقد حرص خادم الحرمين الشريفين على أن يرعاه بنفسه حيث وجه حفظه الله كلمة ضافية جاء فيها: (أيها الاصدقاء: جئتكم من مهوى قلوب المسلمين من بلاد الحرمين الشريفين حاملاً معي رسالة من الأمة الاسلامية ممثلة في علمائها ومفكريها الذين اجتمعوا في رحاب بيت الله الحرام، رسالة تعلن أن الاسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح رسالة تدعو الى الحوار البناء بين اتباع رسالة تبشر الانسانية بفتح صفحة جديدة يحل فيها الوئام بإذن الله محل الصراع). هذه رسالة الأمة التي ابلغها الى مؤتمر مدريد والى العالم أجمع، ورسالة الأمة هي رسالة الإسلام الدعوة الى الحوار البناء بين أتباع الديانات، فبالحوار تهدأ النفوس ويفهم كل طرف الاخر، فالإسلام رسالة عالمية ولكن هناك من يريد ان يسيء الى هذه الرسالة حتى من أتباعها بأعمال مشوهة ويريد نسبها الى الاسلام. ومما جاء في كلمة المليك المفدى أمام مؤتمر مدريد ايضاً (اننا جميعاً نؤمن برب واحد بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه ان يختلف الناس في أديانهم ولو شاء لجمع البشر على دين واحد، ونحن نجتمع اليوم لنؤكد ان الاديان التي ارادها الله لاسعاد البشر يجب أن تكون وسيلة لاسعادهم). هذه الكلمات تمثل لب ما دعا اليه خادم الحرمين من حوار بين أتباع الديانات لأن الاديان كلها كانت لخير البشر وكلها تدعو الى القيم النبيلة، فهذه الاديان يجب أن تكون كما ارادها الله وسيلة لاسعاد البشر وليس لشقائهم والسعادة تمر عبر الفهم الصحيح لرسالة الاديان والبعد عما حذرت عنه، فالاسلام الدين الخاتم يقوم على الوسطية والاعتدال ولكن هناك فهماً مغلوطاً من شأن الحوار ان يصحح هذه المفاهيم ومن شأن المسلمين ان يجدوا الفرصة المواتية في هذا الحوار لاقناع الآخر بالمبادىء الصحيحة التي يقوم عليها الدين الحنيف فالاختلاف بين الشعوب والأمم سنة كونية أرادها الله وكما قال خادم الحرمين الشريفين علينا أن نعلن للعالم أن الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي الى النزاع والصراع. وقد كان مؤتمر مدريد بحق دعوة الى التحرك نحو تغيير ما يدور في العالم حيث يموت ملايين الاطفال بسبب الفقر والمجاعة.. وللتأكيد على أن المشكلات والمعضلات التي نعيشها في عالمنا اليوم لن تحل ما لم يتعاون أهل الارض جميعاً. والنتائج التي حققها مؤتمر مدريد كثيرة لعل أهمها انه كان بداية فعلية لأسلوب الحوار ونموذجاً يمكن أن يحتذى في المستقبل وبوابة للانطلاق نحو تبني دعوة الحوار بين اتباع الديانات عالمياً من خلال الأممالمتحدة وهي الخطوة الثالثة والمهمة نحو تنفيذ دعوة خادم الحرمين الشريفين. وينعقد اجتماع الأممالمتحدة اليوم للحوار وأمام المنظمة ما خرج به مؤتمر مدريد من ضرورة ايقاظ الضمير العالمي والالتفات الى قضايا الجوع والمرض ووقف العنصرية والتسلح ومحاربة الغلو والتطرف والتركيز على أهمية تنشئة الأسرة والحفاظ على البيئة وانشاء مجلس عالمي للحوار تحت رعاية الأممالمتحدة.