عد الشيخ عبدالنافع الرفاعي إمام وخطيب جامع العمودي بجدة اهتمام الناس في الماضي بشهر رمضان المبارك أفضل من اهتمامنا به اليوم فقال في حديثه ل(الندوة): لقد كان اهتمام الناس برمضان وروحانيته اهتماماً عظيما من نواح عديدة كناحية الاعتناء بالمساجد والإقبال على دروس العلم وقراءة القرآن. وكشف الرفاعي عن الأسباب التي أدت إلى تحمله صيام شهر رمضان في صغره رغم آلام الجوع والعطش التي لازالت حرارتها عالقة بذهنه. وتطرق الرفاعي إلى أمور رمضانية وأخرى تتعلق بمسائل الخطابة والإمامة نجدها في تفاصيل هذا الحوار: | متى بدأتم الصيام ؟ || منذ الطفولة وأنا لا أتذكر إلا أني أصوم . أتذكر شيئاً كانوا يقولونه صيام درجات المئذنه من الفجر إلى الظهر ، ومن الظهر إلى المغرب . | كيف كان شعوركم آنذاك ؟ || الواقع أن أيام رمضان كانت من أجمل الأيام ونحن صغار فالبهجة والجمال في رمضان لا تزال مرسومة أمام ناظري . | من شجعكم على الصيام ؟ || الوالدة رحمها الله كان لها أثر كبير في حياتنا ، فحينما كنا صغاراً أقل من سبع سنين كانت تقول صيام درجات المئذنه ولكن بعد الثماني سنين ما أظن أني أفطرت إلا نادراُ أو مريضاً الواقع كل أفراد الأسرة كانوا يتعاونون على الصيام حتى أنه كانت هناك أهازيج يقولونها للمفطر. | ما رأيكم في تربية الآباء سابقاً عنها حالياً ؟ || هناك اختلاف ؛وكل بيئه لها خصوصياتها ، الأباء قديماً خاصة المتدينون كان وجودهم دائماً في الساحة فهم في رمضان مع أسرهم على الفطور وفي صلاة الجماعه وصلاة التراويح ومع أولادهم في دروس العلماء في رمضان . نحن كنا نفطر سريعاً بعد المغرب ثم نصلي مع الوالد ( رحمه الله ) صلاة المغرب في البيت ثم نذهب معه إلى مسجد خالد بن الوليد في حمص لصلاة العشاء والتراويح . اليوم الوضع اختلف . الناس كلهم مشغولون وكل واحد منشغل بحاله ، الوالد منشغل عن أولاده والأولاد منشغلون بالتلفاز والألعاب وإلا ما رحم ربي . مظاهر رمضانية | ما هي المظاهر الرمضانيه التي كانت في السابق واندثرت وتتمنى وجودها اليوم ؟ || أهم مظهر التآلف والتواصل الاجتماعي وتفقد الأهل والأقرباء ، صلة الأرحام ، الزيارات الرمضانية بعد التراويح ، اهتمام أهل البيت بالقرآن وتلاوته من الصغار والكبار . اليوم صار اللهو هو الغالب . | أكلات ومشروبات وعادات تود ذكرها كانت موجوده في رمضان سابقاً ؟ || اليوم يتفنن الناس بالطعام والشراب خاصة العصائر الجاهزة – الفواكه المشكله – مجتمعة ومفرقه – قديماً كانوا يهتمون أكثر شيء ( بالقمر الدين ) الذي هو شراب المشمش المجفف ، واللبن الرائب وشراب الليمون ، كان الأولاد يحبون ( الحلاوه السمسميه ) وكانت الحلويات غالباً من القطايف بالقشطة والقطايف المقلية بالجبن ...... ومن أجمل العادات تبادل صحون الطعام فكان الجيران يطعمون بعضهم ويتفقدون الفقير والأسر الفقيره وهكذا... مواقف صعبة | مواقف صعبة وأخرى طريفة ؟ || من أصعب المواقف التي مرت على أنني حينما كنت في السابعه أو الثامنه منعني أخي من السحور بحجة أني ضعيف ولازم أفطر وأخي هذا كان مسافراً يعمل خارج مدينة حمص وجاء تلك الليله وفرض أوامره على الجميع فرجعت إلى فراشي وشربت ماءً وصممت على الصيام بلا سحور وأعانني الله عز وجل فصمت ذلك اليوم . ومن المواقف الطريفه التي مرت معي أنني حينما كنت في الصف الثالث أحببت أن أتاجر ب(الحلاوه السمسميه) لم أستطع بيع إلا قطعه واحده فأكلت أنا واخوتي كل الباقي ، فذهب رأس المال والربح . | دروس وعبر من الماضي ؟ || كان اهتمام الناس في الماضي برمضان اهتماماً أعظم من ناحية الاعتناء بالمساجد والإقبال على دروس العلم وقراءة القرآن لم تكن هناك تلك الملهيات والفضائيات . كان الناس يسهرون القليل وينامون ليستيقظوا للسحور وصلاة التهجد ثم الذهاب إلى المسجد والبقاء حتى الضحى - يقضون الوقت - إما بقراءة القرآن وإما الاستماع لدروس العلم . وأنا أقول لشباب اليوم : يا شباب رمضان فرصة فلا تضيعوها وكما قال صلى الله عليه وسلم: ( بَعُدَ من أدرك رمضان ثم لم يغفر له ) إمامة الناس | متى بدأتم الخطابة وإمامة الناس ؟ || أول مره خطبت الجمعه كان في 1/ رمضان سنة 1389 وكان ذلك في قرية صغيرة اسمها ( مسكنه ) قرب حمص وتبعد عنها حوالي ( 12 ك م ) خرجت مع بعض الشباب على الدراجات زرنا القرية ، وكانت هناك أحاديث بعد الجمعة ، كانت رحلة ممتعة أكاد لا أنساها . أما الإمامه فكان قبل ذلك بحوالي سنه في مسجد النور وفي غيره في حمص . | من شجعكم على الخطابة ؟ || الذي شجعني هو شيخي الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى . كنا من طلاب مسجد النور في حمص وكان كل يوم ثلاثاء عندنا درس تدريب على الخطابه ، يخطب أحد الطلاب أمام الباقين ، ثم يكون تعليق على خطبته وإلقائه. | مواقف لكم في بدايه الخطابه ؟ || من أظرف المواقف أن أحد علماء حمص اضطر إلى السفر إلى دمشق يوم الجمعة ووكلني بالخطبة عنه ، وهِبْتُ الموقف كثيراً فهذا مسجد كبير وفي حي مزدحم ويحضره شخصيات البلد يريدون السماع من الشيخ فجلست أحضر وحضرت وتعبت وكتبت ، وحضر أحد الإخوه ليأخذني بسيارته فخرجت مسرعاً ونسيت أوراق الخطبه وما شعرت بذلك إلا وأنا على المنبر ولكن أعان الله وكانت خطبه جميله. شباب اليوم | ما هي النصيحه التي توجهونها لشباب اليوم ؟ || يا شباب اغتنموا الفرصه واغتنموا أعماركم فإن الفرصه واحده والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (اغتنم خمساً قبل خمس .. ومن جملتها .. وشبابك قبل هرمك . ) اغتنموا الأوقات بالحفظ فالحفظ في الصغر كالنقش في الحجر ، اغتنموا وجود العلماء ودروس العلم ، اغتنموا فراغكم فكلما تقدم العمر ازدادت المشاغل . يا شباب : العمر فرصة واحده فلا تضيعوها بالعبث واللعب واللهو حتى لا تندموا وتقولوا كما قال القائل : (أنا من ضيع في الأوهام عمره) ( أنا من ضيع في اللعب عمره .....) .