إن من الاشكالات الذهنية التي قد تعرض للعقل البشري الذي لا يؤمن بالله تعالى ايماناً كاملاً محاولة الطعن في الاحكام الشرعية بالبحث عن الفائدة المنتظرة منها والمصالح المترتبة عليها فقد طعن المشركون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الربا بأنه مجرد معاملة تجارية يراد منها تحصيل الربح، فلا فرق بينها وبين البيع قال تعالى : (ذلك بأنهم قالوا انما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا). وطعن المشركون كذلك في تحريم أكل الميتة بأنها حيوان فارق الحياة بارادة الله فلا فرق بينها وبين ما ذبحه الانسان بنفسه قال تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق وان الشياطين ليوحون الى أوليائهم ليجادلوكم وإن اطعتموهم انكم لمشركون). ان المؤمن حقاً هو من يمتثل أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم محبة واجلالاً ليحقق معنى الخضوع لله والتعبد له، وكيف يدعى محبتهما وهو لا يطيع أوامرهما وهذا الامتثال لا يمنع التفكر والبحث في الحكم والمصالح طلباً لزيادة الاطمئنان او بحثاً عن تفاوت درجات الأعمال. ومما جاء في الشرع النهي عن صناعة التماثيل قال النبي صلى الله عليه وسلم (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها) رواه في الصحيح. وسواء كانت العلة في ذلك توجيه الفنان المسلم للعناية بجماليات الطبيعة غير البشرية او للاهتمام بالأعمال النافعة العملية وعدم اضاعة الوقت في نحت وتشكيل التماثيل التي لا تعود بالفائدة على الأمة أو خشية من التعلق في التماثيل اذا كانت لأشخاص عظماء كالزعماء والقادة والعلماء لان النفوس اذا تعلقت بالاشخاص لم تقدم على العمل وركنت الى التواكل أو غيرها من المنافع، المهم في ذلك كله أن يمتثل الانسان لأمر الله تعالى كأنه أمر منه سواء عرف مصلحة ذلك أو لم يعرفها دون السعي للانفلات من الحكم الشرعي أو الاعتراض عليه والله الموفق. القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة