عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة المؤتمر الاسلامي في مقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة امس اجتماعا طارئا على المستوى الوزاري لبحث الوضع في السودان عقب محاولة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهامات ضد عدد من مسؤولي الحكومة السودانية بمن فيهم الرئيس السوداني. وانعقد الاجتماع برئاسة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية في السنغال الدكتور تيجان كاديو الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للقمة الاسلامية. وفي معرض كلمته الافتتاحية حذر الوزير السنغالي جميع الأطراف المعنية من التداعيات الخطيرة المحتملة للخطوة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية، داعيا الى اتخاذ مبادرة من قبل أمين عام منظمة المؤتمر الاسلامي للعمل مع نظرائه في الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وحركة عدم الانحياز من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة في السودان. من جهته دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية الأوغندي اسحاق موسبا نائب رئيس الاجتماع الذي ترأس بلاده مجلس وزراء الخارجية الدول الأعضاء الى إبداء تضامنها ووقوفها مع جمهورية السودان في هذه القضية مؤكدا أن هذه القضية تمثل تحديا كبيرا لمنظمة المؤتمر الاسلامي ودولها الأعضاء. من ناحية أخرى شدد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي في كلمته التي القاها نيابة عنه الأمين العام المساعد السفير توري ليمانغانا على أهمية إيجاد حل سلمي للأزمة بناء على احترام سيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. وفي إشارة الى القرار الذي اعتمدته الدورة الخامسة والثلاثون لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة التي انعقدت مؤخرا في العاصمة الاوغندية كمبالا حث الأمين العام حركات التمرد غير الموقعة على اتفاقية أبوجا على الانضمام للعملية السلمية من أجل التوصل الى تسوية لأزمة دارفور. وعد الأمين العام التحرك من جانب المحكمة الدولية ضد المسؤولين السودانيين سابقة خطيرة وانحرافا غير ضروري قد يزيد من تفاقم الوضع في دارفور. وعقب الاجتماع أصدر المجتمعون بيانا أعربوا فيه عن تضامنهم الكامل مع السودان بقيادة الرئيس عمر البشير وعن دعمهم الراسخ لمختلف المساعي الرامية الى تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وإلى إحلال السلم والاستقرار الدائمين في اطار سيادة السودان ووحدته. وناشد الاجتماع في هذا الصدد الأطراف السودانية وغيرها من الجهات المعنية تجديد التزامها بإحياء العملية السلمية في اقليم دارفور والتعامل بشكل بناء مع المبادرات المختلفة في هذا الشأن. كما أكدوا مجددا احترامهم لسيادة السودان واستقلاله ووحدة اراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ودعوا جميع هيئات المجتمع الدولي الى القيام بالشئ ذاته. ورأى المجتمعون الطلب الذي قدمه مؤخرا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية سعيا لاتهام فخامة الرئيس السوداني طلبا غير مبرر وغير مقبول معربين عن قلقهم العميق من ان يؤدي هذا العمل الى تقويض الجهود الجارية والرامية الى تسهيل ايجاد حل مبكر للنزاع في دار فور والى تعزيز سلام ومصالحة دائمتين في السودان. واعربوا عن بالغ قلقهم من أن يؤدي هذا العمل كذلك إلى المزيد من زعزعة استقرار السودان والمنطقة بأسرها. وحث المجتمعون مجلس الأمن الدولي على الإيقاف النهائي لتحرك المدعي العام الموجه ضد الرئيس عمر البشير وفي هذا الصدد طالبوا منظمة المؤتمر الاسلامي بتنسيق جهودها مع الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وحركة عدم الإنحياز وغيرها من التجمعات السياسية الى دعم اي خطوات في اطار الأممالمتحدة وغيرها من المحافل تهدف الى نزع فتيل هذا الوضع الخطير ومنع تكراره, وفي هذا السياق اصدر الاجتماع توجيهاته لمجموعة منظمة المؤتمرالاسلامي في نيويورك بتطوير افضل الطرق والسبل الكفيلة بمعالجة هذه القضية خلال الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وشدد المجتمعون على أن أي شكل من اشكال الانتقائية أو المعايير المزدوجة في تطبيق مبادئ العدالة الجزئية وفي الجهود الرامية لوضع حد للإفلات من عقوبة جرائم الإبادة والجرائم المرتكبة ضد البشرية وجرائم الحرب من شأنه تقويض الزخم الحيوي كما من شأنه التأثير سلبا على مصداقية المحكمة الجنائية الدولية. وأكد المجتمعون أن المحكمة الجنائية الدولية طبقا للنظام الأساسي لروما لايمكنها أن تكون إلا مكملة للأجهزة القضائية الوطنية التي تتولى المسؤولية الرئيسية في التحقيق في القضايا التي لها صلاحية التحقيق فيها. وحثوا جميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي والمجتمع الدولي على تكثيف جهودها الرامية الى بناء السلم في اقليم دارفور وحثها في هذا الصدد على التعجيل بالمساهمة في تعزيز قوات حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الافريقي والامم المتحدة في دارفور /يوناميد / التي جدد مجلس الأمن الدولي مهمتها مؤخرا وكذا على تكثيف استثمارها في تحسين الأوضاع الانسانية واعادة الاعمار وتحقيق التنمية في هذا الاقليم. وتعهد المجتمعون بتقديم الدعم الوطيد لكبير الوسطاء المشترك بين الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي المعني بنزاع دارفور والذي تم تعيينه في الاونة الاخيرة وحث الاطراف على التعاون التام معه لانجاح مهمته. وسجل الاجتماع بارتياح التقدم الذي تم احرازه في تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين السودان وتشاد برعاية الرئيس السنغالي رئيس الدورة الحادية عشرة لمؤتمر القمة الاسلامي وحث البلدين على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتهما وعلى تعزيز علاقات حسن الجوار وتسهيل عملية تسريع حل النزاع كما رحب الاجتماع بالجهود التي بذلها الرئيس الليبي معمر القذافي التي أدت الى عودة العلاقات الدبلوماسية بين تشاد والسودان. وأشاد المجتمعون بالجهود المشتركة التي تبذلها الحكومة السودانية والأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي ورئيس البنك الاسلامي للتنمية لتنظيم مؤتمر للمانحين للمساعدة في تنمية اقليم دارفور والتي اثبتت الالتزام الجدي للحكومة السودانية بتحقيق السلم والتنمية في دارفور ودعا الدول الأعضاء إلى المشاركة الفعالة والمساهمة السخية في هذا المؤتمر. وناشدوا قوة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الافريقي والأممالمتحدة في دار فور وهيئات الإغاثة الدولية مواصلة تركيز اهتمامها على مهامها والاستمرار في تقديم مساعداتها الجليلة للمحتاجين في اقليم دارفور. وطلب المجتمعون من الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي ابلاغ محتوى هذا البيان الختامي الى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق مجموعة سفراء منظمة المؤتمر الاسلامي في نيويورك وذلك قصد تعميم هذا البيان بصفته وثيقة رسمية.