الحج أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يمكن الاستغناء عنها وعدم تركها إلا في عدم وجود الاستطاعة سواء كانت مادية أو صحية أو عدم حصوله على تأشيرة الدخول الى البقاع المقدسة أو ما يمنع من الوصول فهو أعظم ركن اجتماعي إنساني الى جانب نواحيه الدينية وله أهدافه بعيدة المدى كما أنه الشعيرة الوحيدة التى تجمع مسلمي العالم في مكان واحد ووقت واحد وظروفهم متقاربة ودينهم واحد. قال الله تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات )، فتتجمع الأخلاق الانسانية والدينية والعقائدية والمنافع الدينية والدنيوية في قلب المشاعر المقدسة والبقاع الطاهرة ومنها تنتشر الى شتى بقاع الأرض مكونة السلوك النفسي والخلقي والتربوي والإنساني فقد جعل الحج السلوك الإنساني في قمته فيزداد التواضع ويصاحبه التسامح والعفو بشتى أنواعه والتنازل لوجه الله وعظمته الى جانب ان الحج أمرنا بعدم الجدال حتى يكتمل العمل فان الجدال يفسد العمل الصالح والمصالح وتظهر فيه الآراء والافكار المتعددة التي تصل بالانسان الى الفشل فمن هنا حث الحج بعدم الجدال وعدم الرفث والفسوق والتنزه عن الكذب والخيانة والبغض والكراهية، كما أمرنا بالمحافظة على الأمانة وصيانتها بل أمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصيانة الحقوق والاهتمام بالواجبات وعملها والحذر من الوقوع في الاخطاء بل مساعدة الغير من المحتاجين بشتى انواعهم المختلفة الى جانب الاستفادة من التعارف بين الشعوب وعاداتهم والاستفادة من العادات الحسنة وترك كل ما هو غير مستفاد منه والحج ينتظره الكثير من أبناء الأمة الاسلامية وكيفية الاعداد له والوصول اليه. وكم من أبناء هذه الأمة يبكون عندما يشاهدون حجاج بيت الله الحرام وهم ليسوا معهم لعدم الاستطاعة وكم من يعد عدته للاستفادة من بداية الموسم لمشاهدة منافعهم فالحجاج يحتاجون الى من ينقلهم من مكان الى آخر فيستفيد الحاج وينتفع الناقل وكم من يعدون العدة للذهاب الى المشاعر لترويج تجارتهم التي يستفيدون من مكاسبها عدة اشهر أو يسددون ما عليهم من ديون واستحقاقات وخلافه فيبيعون ويشترون ويستفيد الحاج والتاجر وأصحاب الشركات والمتاجر والأفراد وجميع المنشآت التي تخدم الحجيج منذ خروجه من البيت حتى العودة ويصاحب كل ذلك التسامح بين بني البشر من المسلمين بأن يحترم كل فرد من يقابله أو يجالسه أو يمشي معه الى جانب مصاحبة الخلق الكريم والتفاني في الأعمال الصالحة والاخلاص في العمل والمبادئ الحسنة وتتبادل المنافع المتعددة من الدينية والدنيوية حتى ان هناك من الحجاج تجار فمنهم من يأتي ببضائع بلده ليبيعها بالحج وبين الحجيج ويربح ومنهم من يأخذ بعض البضائع غير المتوفرة لديهم ليستفيد منها لذلك لم يقتصر الحج على انه شعيرة دينية بل يعمل على تحسين أحوال المعيشة عند البعض واسعادهم اجتماعيا واقتصاديا وأخلاقياً ومساعدتهم لمسايرة حياتهم المستقبلية واخيرا لا ننسى الدور العظيم الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في خدمة حجاج بيت الله الحرام من تفاني في مواكبة العصر ومواجهة الزيادة في أعداد الحجيج من توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف الى جانب الاهتمام غير العادي بالمشاعر المقدسة وتطوير مباني الجمرات والطرق المؤدية اليها وقطار المشاعر ونقلته الحضارية وسرعة انجازه في نقل الحجيج وكل يوم يصاحبه تطوير وتيسير لبني البشر من المسلمين حتى ان من زار الحرمين والمشاعر العام الماضي يلاحظ ما تم من تغيير خلال عام واحد فشكرا للمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا على هذا المجهود الجبار لخدمة الإسلام والمسلمين.