بيت الله الحرام مركز الدعوة الاسلامية وحج بيته الحرام ركن من أركان الاسلام هذا المؤتمر العالمي الذي يلتقي الانسان بعالم الحقيقة ليشعر بخروجه من دنياه إلى ربه عز وجل واليوم تجتمع الوفود، يتجمع الحجيج في عرفات في هذه البقعة الطاهرة يفدون ونراهم يأتون فوجا بعد فوج من كل بقاع الدنيا على جسد واحد وبلباس واحد وعلى لسان واحد (لبيك اللهم لبيك) يلبون دعوة ربهم عز وجل ويمتثلون لأمره جل وعلا (واذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) هذه الوفود أتت شعثاً غبراً مشاعرهم قبل قلوبهم معلقة بالطاعة لخالقهم وهم يتربصون رحمته تعالى بعد أن فارقوا الأهل والأحباب وقبلها فارقوا الملذات ينتظرون ويرجون رحمة السماء ويرفعون أكفهم ليسألوا الله عز وجل المغفرة والثواب، الله ، ما أروع هذا المنظر العجيب الوقوف بعرفات ، الوقوف بجبل الرحمة هذا الوقوف الذي يشعر به الواقف بإصلاح خطئه ويمنعه في السير في الاتجاه الخطأ، وهذه الحكمة الالهية تحمل كثيراً من المشاعر والاحاسيس والتي أهمها شعور الحاج بأنه في مقام عظيم وموقف مشهود لتعظيم هذه البقعة الطاهرة في هذا البلد الحرام مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية ، تعظيم الكعبة المشرفة ، القبلة التي تتوجه إليها مشاعر وقلوب المسلمين والمصلين. الله ، أي شعور يحس به الحاج في هذا الموقف التاريخي العظيم في عرفات الله ، وهو يقف بين يدي المولى عز وجل يطوف ويسعى في بيته العتيق ويداه تلمس الملتزم وبصره إلى حيث وقف المصطفى صلى الله عليه وسلم عند باب الكعبة عندما فتح مكة وكان رؤوفا رحيما عندما قال كلماته التي سجلها التاريخ - لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء ، عليك صلوات الله وسلامه يا سيد الكونين جاءت كلماتك بعد أن ظل الجميع يرقب ماذا تقول ولكن رحمة بهم كيف لا وأنت الرحمة المهداة إلى البشر جميعهم (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وفي حجة الوداع كانت الوحدة الاسلامية وألقى صلى الله عليه وسلم خطبته المأثورة في وادى عرفات عندما وجد القبة التي ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر القصواء ناقته فرحلت له فأتى بطن الوادي وخطب في الناس - وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعه، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهرونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ، وأنتم تسألون عني ، فما أنتم قائلون؟ قالوا - نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال باصبعه- يرفعها إلى السماء وينكسها إلى الناس - اللهم أشهد - اللهم أشهد ثلاث مرات. لقد ابلغت أمتك كل التعاليم الاسلامية الأساسية وأخذت العهد منهم حتى يبلغوها. بعد هذه الكلمات المضيئة المشرقة توفى الحبيب صلى الله عليه وسلم بعد شهرين وقد انتشر الاسلام وأكمل الصحابة رضوان الله عليهم المسيرة حتى أصبحت رسالتهم بتبليغ الدين وقد سخروا أرواحهم وأنفسهم وكل ما يملكون حتى انتشر الاسلام في كل بقاع الدنيا ، ولكن هناك هدفاً حقيقياً وهو أن هذا النسك لا ينتهي بمجرد أن ينتهي الحاج من هذه الشعيرة يعني أن العمل يبدأ بعد الانتهاء من نسكه ليبدأ رحلة مهمة حتى يشعر بالنقاء والصفاء.