الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام ، حيث يفد ملايين المسلمين كل عام لأداء هذه الفريضة مما يستوجب تضافر كافة الجهود الخدمية في الدولة لتوفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لهم. وهاهي توجيهات خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الاثنين 16 ذي القعدة 1433ه لكل الجهات الخدمية للعمل لكل مامن شأنه تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن وهو توجيه يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه هذه القيادة الحكيمة لتقديم خدمات متميزة تتلاءم مع مكانة المملكة العربية السعودية كقبلة للمسلمين وحاضنة للمقدسات الإسلامية ولتبرهن على مدى قدرتها على تحمل كافة أعباء إدارة شؤون الحج بكفاءة عالية لتقديم كافة الخدمات المطلوبة لحجاج بيت الله الحرام. ومن الملاحظ أن عدد النساء اللاتي يأتين لأداء فريضة الحج كل عام يمثل حوالي 50% من أعداد الحجاج ، لذا فإن هناك ضرورة قصوى تتمثل في توفير خدمات متميزة لشريحة تمثل نصف المجتمع المستهدف. وعادة ماتكون خدمة العميل بالصورة المثلى حينما يشعرالعميل بالارتياح والثقة والطمأنينة من مقدم الخدمة حيث تكون العلاقة بينهما حميمة ومباشرة. وفي ظل وجود خصوصية للنساء في مظاهر متنوعة جسمية ونفسية وصحية ويكون التعبير عنها أو طلب تقديم حاجة لنفس الجنس Gender أفضل من أن توجه للجنس الآخر حيث ربما يشعرها ذلك بالحرج وقد يمنعها الحياء من أن تقدم مطلبها. بل ربما تكون هناك مخالفات شرعية عند تقديم بعض من هذه الخدمات للنساء عن طريق الرجال. ومن هذا المنطلق نقول ان خدمة حاجات بيت الله الحرام من الأفضل أن تقدم عن طريق النساء ومع أن المرأة المطوفة قد عملت منذ مئات السنين ولكن توقف نشاطها المهني لعقود بظهور مؤسسات الطوافة ولم يوجد حتى الآن نظام يكفل لها حق العمل في المهنة ولم توضع اللوائح والتشريعات اللازمة لتنظيم عملها مع أننا قد سمعنا - ومنذ سنوات - بأن وزارة الحج ممثلة في الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف بصدد إجراء دراسة علمية عن عمل المرأة المطوفة ولكنها - وللأسف - لم تر النور حتى الآن !!! ومع ذلك تقوم لجان نسائية بالعمل في المهنة – على استحياء - في بعض من مؤسسات الطوافة لوجود عوائق تحد من انطلاقتها.وفي مؤسسة جنوب آسيا بادرت لجنة نسائية تطوعية بالعمل في المهنة منذ خمس سنوات لتقديم خدمات متميزة لضيفات الرحمن بدعم من المؤسسة الأم ، حيث أن هذه المؤسسة الفتية في أفكارها المبدعة في عطاءاتها الرائعة في أدائها والتي تجسد طموحات الدولة في خدمة ضيوف الرحمن إلى واقع حي يترجم إلى خدمات وأعمال راقية يسعد بها ضيوف الرحمن، بقيادة رئيس مجلس إدارتها الأستاذ عدنان محمد أمين كاتب ونائبيه وأعضاء مجلس إدارته والجنود المخلصين في مؤسسته وفي مكاتب الخدمة الميدانية حيث قاموا بدعم أعمال اللجنة فكانت-ولا زالت - حافزاً لهن لتقديم خدمات إنسانية راقية لحاجات بيت الله الحرام. حيث تقوم هذه اللجنة بزيارات للمريضات في المستشفيات في مكةالمكرمة وتقديم الهدايا لهن والاطمئنان عليهن ومتابعتهن يومياً وتقديم احتياجات متنوعة مثل الكراسي المتحركة أو المشيات أو العكاكيز أو بعض الملابس ، بل وتقديم شرائح جوال لبعضهن لمساعدتهن على التواصل بذويهن والتخفيف من معاناتهن.. فتكون تلك الخدمات بلسماً شافياً تسعد بها قلوب الحاجات وسنداً معيناً لهن لأداء شعيرة الحج.بل لم تكتف اللجنة بهذا بل تقوم بتقديم اللقاءات التوعوية لتوعية حاجات بيت الله الحرام بمناسك الحج والعمرة وأركان الحج ومحظوراته والرخص المعطاة للمرأة الحائض والنفساء وغيرهن في ظل ظروف صحية متنوعة. وكذلك التركيز على أهمية القيم الإسلامية في التعاملات الإنسانية والمحافظة على البيئة والتمسك بسنة المصطفى في كافة العبادات والأدعية التشريعية القائمة على العقيدة الصحيحة والبعد عن أي سلوكيات تبعدنا عن سنة الحبيب المصطفى هذا فضلاً عن الزيارات الثقافية لمختلف الاماكن والمتاحف في مكةالمكرمة وتعريفهن بالنهضة الشاملة في المملكة العربية السعودية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. كما لابد من التأكيد على ان أهداف اللجنة النسائية التطوعية السامية قد تحققت في ظل حماس منقطع النظير من سيدات وشابات مكةالمكرمة فهؤلاء هن حفيدات عائشة وخديجة رضي الله عنهما..حيث ضربن أروع الأمثلة في التفاني والعطاء والصبر والحكمة والوفاء للمهنة. فها هن يتنافسن في كل مهمة ويتسابقن لأداء أي عمل من اعمال الخير التطوعي وهؤلاء -إن شاء الله - ممن وصفهم القرآن الكريم بقوله : (والسابقون السابقون ، أولئك المقربون،في جنات النعيم ) (الواقعة الآيات 10-11-12). هذا وقد اكسبهن العمل في مهنة الطوافة الكثير من الخبرات الميدانية , بل والمهارات اللازمة في التواصل مع الآخرين وخاصة مع ضيوف الرحمن بل ساهم في تعزيز ثقتهن بأنفسهن وتقدير الذات ، لشعورهن بالقدرة علىالمشاركة في خطة البناء والتنمية المجتمعية التي تنتهجها الحكومة السعودية خاصة في كل ما يتعلق بتطوير الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام. و المفرح حقاً أن اللجنة تشمل كافة الأعمار فهناك متطوعات من سن 15 سنة وما فوق ووجودهن في بوتقة العطاء الخدمي قد ساهم في رفد اللجنة بعطاءات إبداعية متنوعة من الشابات وخبرات غنية من الكبيرات ومهارات متنوعة من كافة المتطوعات مما دعم جهود اللجنة وحقق اهدافها وأثرى خبراتها. وها نحن نمضي في مسيرتنا بالثقة والإصرار على العمل ، نظراً لما حققته اللجنة من عائد خدمي عظيم انعكس أثره على ضيفات الرحمن من خلال ما نلمسه من مشاعر التقدير والشكرحيث ترتفع اكف الضراعة إلى السماء تدعو للمتطوعات وحين تتصافح الأيدي وتنهمر الدموع فرحا وسروراً وتتعانق القلوب بضمات الحب والوفاء.. فما أروعها من علاقات إنسانية هي ثمرة من ثمرات الحج. وأظن أن هذه الصور من العلاقات الانسانية السامية والخدمات الراقية موجودة في كل عمل نسائي بمؤسسات الطوافة.. وأجزم أن المرأة المطوفة قد أثبتت كفاءة ومهارة ومهنية عالية، ولأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله - قد مكن المرأة السعودية من المشاركة في البناء والتنمية فهي الآن عضو في مجلس الشورى , وعضو للتصويت في المجالس البلدية وهي تشارك في الغرف التجارية وفي العمل بوزارة الصحة.. فقد آن الأوان لعملها في مهنة الطوافة فهي جديرة بشرف الخدمة التي هي حق من حقوقها كارث تتوارثه الاسرة منذ قديم الزمان...وإنني أرى في الأفق تباشير فجر جديد لقدوم المطوفات لأن هناك من ينصفهن في هذا الكيان الكبير.