زار وفد من الصحافة الأوروبية المتخصصة موقع إنشاء مصفاة شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيماويات (ساتورب) في مدينة الجبيل الصناعية الثانية، واطلعوا على مراحل تقدم البناء والتقنية الحديثة المستخدمة في الوحدات المكوِّنة للمصفاة . و قدم المهندسون المشرفون على أعمال الإنشاء للوفد عرضا لمراحل البناء ونبذة عن المصفاة وما يميزها بأن بنيت بأحدث التقنيات العالمية. بحضور المديرين التنفيذيين لساتورب الذين أجابوا خلال مؤتمر صحفي على أسئلة الصحفيين وما يتعلق بمستقبل المصفاة. وسلطت الزيارة من خلال التقارير التي أعدها الصحفيون ونشرتها الصحف الأوروبية مطلع الأسبوع الماضي،الضوء على الدور الريادي المتكامل الذي تتبوأه المملكة في تكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات، مع التركيز على ما سيضيفه مشروع مصفاة ساتورب، ليس على مستوى الاقتصاد المحلي فحسب، بل على المستوى الاقتصادي العالمي. و شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيماويات (ساتورب) هي مشروع مشترك وشراكة استراتيجية واقتصادية بين كل من أرامكو السعودية، الشركة الأولى في مجال إنتاج وتصدير الزيت الخام على نطاق العالم، وتوتال خامس أكبر شركة عالمية في مجال الزيت والغاز. ففي الحادي والعشرين من شهر مايو 2006م، وقَّعت شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) وشركة توتال العربية السعودية ( إس أي إس ) اتفاقية تفاهم لتصميم وإنشاء وتملُّك وتشغيل مصفاة عالمية جديدة بالكامل بطاقة إنتاجية تصل إلى أربعمئة ألف برميل يومياً من الخام العربي الثقيل بتكلفة إجمالية تقديرية لبناء المشروع تبلغ 14 مليار دولار ، تم الحصول على 5ر8 مليار دولار منها في يونيو 2010م من ممولين خارجيين يشملون 40 مصرفاً وسبع وكالات ائتمان عالمية , كما شمل التمويل أيضاً ثلاث أدوات إسلامية بلغت 8ر2 مليار دولار، منها مليار دولار على هيئة تمويل بالصكوك، مما جعل الشركة رائدةً في هذا النوع من التمويل. وقد بدأ العمل الفعلي لبناء المصفاة، في يونيو 2008م بتوقَّيع الشريكين اتفاقية الشراكة (بنسبة 5ر62% لأرامكو السعودية و5ر37% لتوتال) لبناء مجمع تكرير عالي التعقيد بطريقة مأمونة، وفي حدود الوقت والميزانية المخططين لها. ومن ثَمَّ باشر الشريكان عملهما دون توانٍ، فبدأتا بتغذية إدارة المشروع وإدارة الشركة بفرق عالية الكفاءة للبدء في بناء الشركة، وهي مهمة تنطوي على أعمال الهندسة والتوريد والإنشاء والتشغيل المبدئي والتشغيل النهائي لخمس وأربعين وحدة تصنيعية بجانب المنافع والمرافق خارج الموقع (ساحة التخزين والمرافق المخصصة للشركة بميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل)، بما فيها وحدة الفحم البترولي التي تعد أول وحدة من نوعها تُبنى بالمملكة وقد اختارت ساتورب لمصفاتها الجديدة موقعاً متميزاً في مدينة الجبيل الصناعية الثانية (الجبيل-2) لتكون أول مرفق صناعي في هذه المدينةالجديدة. الجدير بالذكر ان مصفاة ساتورب تُشيد على مساحة تبلغ خمسة كيلو مترات مربعة ويمتاز موقعها بثلاث مزايا: قربه من خطوط الملاحة البحرية الدولية عبر الخليج، وتوفر مصادر الطاقة والمواد الخام اللازمة لتشغيل المنشأة، ووجود المصفاة بجوار مجمع صناعي ضخم، مما يوفر فرصاً عظيمة للتكامل الصناعي. كما تم ربط المصفاة بشبكة الزيت والغاز الطبيعي والكبريت ومرافق غاز البترول المسال في ارامكو السعودية. وتتلخص العوامل المهمة التي أسهمت في إنجاح هذا المشروع في اعتماده على أسس صلبة، تتمثل في تصميم عالي التوثيق للأعمال الهندسية (واجهة الهندسة الأمامية) والمواصفات والمقاييس الاستثنائية والاستراتيجية التعاقدية الصلبة (مشاريع تسليم المفتاح) لحزم عقود الهندسة والتوريد والإنشاء الثلاثة عشر، وإدارة المشروع وشؤونه اللوجستية تحت جهاز مراقبة المشروع ووجود فريق إدارة مشروع متكامل من ارامكو وتوتال وأنظمة مراقبة عالية الكفاءة وتكامل تام مع التشغيل والتواصل مع متطلبات الشريكين، وبدعم كامل من المساهمين. ومن منتصف عام 2010م، والأنشطة الإنشائية بالمصفاة تسير بوتيرةٍ متسارعة وفي ذروة الأنشطة الإنشائية للمصفاة فإن عدد الكوادر الإنشائية بالموقع يزيد على 45 ألفاً يمثلون أربعة وتسعين مقاولاً , واستهلك المشروع أكثر من 100 ألف طن حديد و4700 قطعة من المعدات و7000 كيلومتر من الأنابيب وما يقارب سبعة عشر ألف كيلومتر من الكابلات و700 ألف متر مكعب من الخرسانة. وسيسهم مشروع مصفاة ساتورب الذي من المخطط أن يكتمل تشغيله بنهاية عام 2013م بإذن الله ،في رفع الطاقة التكريرية بالمملكة إضافة إلى توفير أكثر من 1000وظيفة مباشرة و7000 وظيفة غير مباشرة. كما سيزود السوق المحلية بجزء من احتياجاتها من بنزين السيارات والديزل والمنتجات البترولية الأخرى وسيتميز بإنتاج مواد بتروكيميائية، مثل البارازايلين والبنزين العطري والبروبيلين ، مما سيسهم بدوره في نمو قطاع البتروكيماويات. تضمنت استراتيجية التنفيذ للمشروع الأخذ بعين الاعتبار زيادة المُكَوِّن السعودي ، فتم إرساء خمسة من أصل ثلاثة عشر عقداً على شركات هندسة وتوريد وإنشاء سعودية. وبالإضافة إلى ذلك، تم منح 25% من تكلفة المشتريات إلى شركات سعودية؛ كما قام المقاولون السعوديون المتعاقد معهم بتنفيذ 80% من الأنشطة الإنشائية في مختلف التخصصات. وقامت ساتورب خلال بناء المصفاة بإعداد المئات من الشباب السعودي ليكونوا جاهزين لبدء التشغيل فور اكتمال الأنشطة الإنشائية وبعد إكمالهم مدة ثلاث سنوات تدريبية في مرافق ارامكو السعودية، انخرطوا في تدريبٍ مكثف على رأس العمل في عدة مصافٍ محلية وعالمية حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة لتشغيل المصفاة بطريقة مأمونة. وساتورب هي إحدى ثلاث مصافٍ تحت الإنشاء بالمملكة العربية السعودية، وبها سيصل إجمالي المصافي بالمملكة إلى عشر مصافٍ , وهي أول مصفاة بالمملكة وأكبر مصفاة بالشرق الأوسط يتم فيها إنتاج فحم البترول. وسيكون بها أيضاً ممر أنابيب بطول 25 كم، ونظام ناقل للفحم البترولي يربط بين المصفاة ومرافق التصدير في ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل. وستقوم ساتورب بمعالحة الزيت العربي الثقيل بنسبة 100% مع عملية تحويل عميق تركز على المنتجات عالية القيمة، بالاضافة الى مجمع عطري متكامل تماماً مع مجمع وحدة التكسير الحفزي المتناسق مع المنتجات العطرية المرتبطة بوحدة استخلاص البنزين والبارازايلين. وستعمل ساتورب بتقنية التحويل العميق التي تعتبر من التقنيات الحديثة والمثبتة بالمصفاة، بحيث ستمكن المصفاة من إنتاج نسبة عالية من المنتجات الخفيفة والبتروكيماويات ذات القيمة المضافة. كما أن التركيبة التصميمية للمصفاة مبنية على مساري معالجة للزيت الخام يوفران التشغيل الآمن والمرونة في أعمال التشغيل والصيانة.