تُرى من المستفيد من تزايد حجم القروض الشخصية من البنوك وجهات التمويل وارتفاع نسبتها عاما بعد عام وإدخال المواطنين في دوامات الديون دون الحاجة الفعلية لها. بكل أسف فقد أصبح أسلوب الاقتراض جزءاً من ثقافتنا الاجتماعية حتى لو كان لتوفير بعض الكماليات أو ما دونها ، وذلك ما جعل موضوع القروض من المشكلات الاجتماعية ذات الآثار السلبية سواء أسرياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو أمنياً أو أخلاقياً والتي تتطلب حلولا عاجلة ، فقد أغرت العديد من الجهات التمويلية المواطنين بالحصول على القروض من دون الحاجة لها ، من خلال العروض المغرية والتسهيلات وتيسير الشروط وفي ظل عدم الرقابة على أساليب تقديم هذه العروض والمغريات التي اصبحت تغزو البيوت من دون استئذان سواء من تحت أبواب المنازل أو عبر الاتصالات الهاتفية أورسائل الجوال محدثة نوعاً من «التطفل» على الآخرين، فضلاً عن كونها قد تكون مخالفة قانونية اذا اعتبرناها اعتداء على المنزل من دون إذن ، خاصة أن هذا الاعتداء قد يضر بصاحب المنزل لأنه قد يشكل استنزافاً للأموال والقدرات ، فقد يأتيه العرض في وقت أزمة مالية وهو يتعرض لبعض الضغوط من أفراد أسرته ، فتظل الجهة المقرضة تسعى خلف المقترض بكل أنواع المغريات حتى يقع في الفخ وينساق خلف تلك العروض التسويقية (فصاحب الحاجة أعمى) وإذا بها تقوم بفرض شروطها وجزاءاتها لتسترد حقها مضاعفاً ولسان حالها يقول له: يداك أوكتا وفوك نفخ ! وبعد أن وجد نفسه مكبلا بالديون التي اقدم عليها بكامل ارادته ودون دراسة واعية، بالاضافة الى أن بعض جهات التمويل لا تطبق مقررات الهيئة الشرعية إلا صورياً من أجل تحقيق ارباح عالية ، مما يستدعي ضرورة إعادة النظر في النهج الذي تستخدمه تلك الجهات المقرضة التي تعتبر القروض فرصة للكسب ولو كان على حساب المستهلك دون التنبيه للمحاذير الشرعية والاجتماعية. ومما يؤكد تزايد إقبال المواطنين على القروض الشخصية ، ذلك الرقم الكبير الذي حملته الاحصائيات، فقد تجاوزت قيمة القروض خلال العام المنصرم (240) مليار ريال، هذا الرقم الذي يشير بجلاء الى مدى التفاوت الكبير في تقدير الاحتياجات وترتيب الأولويات وطرق معالجة الأزمات المالية وهو ما قد يشكل عبئاًً و يدخل في محظورات عديدة وغير ذلك من الامور التي قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة في المجتمع. ومن وجهة نظري فإن من أهم اسباب تفشي ظاهرة الديون وتزايد الإقبال على طلب القروض الشخصية، هو غياب القرض الحسن في المجتمع ، من خلال المبادرات الشخصية أو الجمعيات الخيرية، والقصور في الجوانب التوعوية والتثقيفية من قبل الجهات المسؤولة وذات العلاقة ، كتغييب الجانب الشرعي عن هذه القضية ، وعدم إدراك التبعات المترتبة عليها ، وقلة جمعيات حماية المستهلك وضرورة رفع درجة الوعي بأهمية حسن التدبير في الإنفاق وتفعيل ثقافة ضبطه من خلال تعويد الأبناء على الاقتصاد وتطبيق برنامج الادخار في الإنفاق وإيجاد القدوة في تربية الأبناء على هذا الجانب ،مع تعويدهم على النظر لأولويات الشراء بشكل يتوافق مع الإمكانات المالية ، فضلاً عن التوعية بخطر الديَن الذي يضع المقترض تحت دائرة المطالبات والملاحقات القضائية.