الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبي الهدى والرحمة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فإن من كرم الله على عباده أن يهيىء لهم رجالاً صالحين ، للمعالي طامحين ، يسمون بهم إلى ذرى الإبداع ، ويصلون بأقوامهم إلى قمم التفاني والامتاع، وإن من فضل الله تعالى علينا أن وفق ولاة الأمر في بلادنا ، فكانوا للدين حراساً ، ولرعاية المصالح قواداً ونبراساً ، يقتدى بأعمالهم في ظلماء العجمة، ويكشف بفعالهم ظلال كل غمة، فلهم بعد الله من الثناء أوفاه، ومن الشكر أجزله وأعلاه. وإن من التوفيق الوفاق، ودلائل الخير الدفاق، ما تزخر به هذه البلاد المباركة من رجال أكفاء وعلماء أجلاء، ويأتي في القدح المعلى منهم شيخنا معالي الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين - حفظه الله ورعاه - الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ، فهو شيخ همام ، وعلم من كبار الأعلام ، كريم الأخلاق بسام. للحب في ثغره متنفس أرج كما تنفس روض إذا عشا العتم دين وعقل ووجدان تترجمه بالحب والشكر من عرفانها أمم إن معالي شيخنا الجليل - حفظه الله - تضلع بصفات ينذر أن يجتمعن في رجل واحد، فهو رجل من طراز فريد، وأعماله على ذلك خير دليل وشهيد، من جالسه يأنس به رجلاً بصيراً ، وعالماً خبيراً، وإماماً كبيراً ، وداعيا نحريراً ، فهو كنز علمي، وفقيه واداري ، ومتحدث المعي، مع عبقرية فذة في ثوب التواضع والبساطة ، وزهد وورع صار بهما مضرب الأمثال ، وطاول بهما كبارات الرجال الأجلال. لقد قدم شيخنا لدينه وولاة أمره وبلاده أعمالاً جليلة، تزيد على نصف قرن من الزمان، فكان فيها مثالاً للعطاء المتدفق ، والرأي السديد والإداري المخلص ، ولقد شرفت في العمل تحت رئاسته أكثر من عقد من الزمان، لقيت فيها وزملائي الائمة خاصة، وموظفي الرئاسة عامة منه كل تقدير ومحبة واجلال، وكان - حفظه الله - يقول: إن كنت الرئيس في الرئاسة فإن الأئمة هم رؤسائي ، في قمة التواضع والتبجيل، وشهد الحرمان في عصره الاهتمام بالدروس والتوجيه والإرشاد وفتح المجال - سلمه الله - لمشاركة من أهل العلم والفضل ، ولم يكن يتدخل في شؤون الأئمة خاصة، بل أتاح كل السبل لأداء مهمتهم العظيمة ، وأذكر أنه لو جاءه أحد ينتقد الأئمة ، فإنه يسد المجال ويوجه بلطف المنتقد بعرض ما لديه عليهم ، ويعلم الله أنها سجايا الكبار، وشيم الكرام، وقد شرفت فور تكليفي بالعمل بالاتصال عليه والاطمئنان على صحته والاستنارة برأيه، وتأكيدي له بأبوته لنا ، ومن نحن في مدرسته الادارية الكبرى إلا جهد المقل المقتبس، المستفيد الملتمس ، وأفدت من توجيهاته الكريمة وآرائه السديدة في حرص على اكمال مسيرته المباركة التي سبقنا إليها هو ومشايخنا الأماثل ، السلسة الذهبية في خدمة الحرمين منذ عهد الشيخ عبدالله ابن حميد، والشيخ ناصر الراشد ، والشيخ سليمان بن عبيد، والشيخ محمد بن سبيل ، ومعالي الدكتور صالح بن حميد المستشار في الديوان الملكي ، الذي له كذلك عليَّ أفضال كبيرة وإسهامات سديدة في الرأي والتوجيه ، فهو أخي الأكبر الذي سأظل مديناً له ، ولشيخنا الحصين بالسير في العمل على خير وجه - بإذن الله - وبما يتطلع إليه ولاة أمرنا - حفظهم الله - وأدعو الله أن يمن على شيخنا الحبيب بالشفاء العاجل ليكون معنا في رحاب الحرم ، ولعلنا نقدم أقل شيء من الواجب وفاء لدوره الرائد في خدمته المباركة. فحقاً يا شيخنا ..لقد أتعبت من بعدك ..!! فأنى لغيرك أن يجمع هذه الخلال، وينعم بوريف هذه الظلال ، ولكن ..كرها تركب الإبل السفر. يجزيك ربك ما قدمت من حسن من واسع الفضل والإحسان والنول ويكتب الله ما عانيت مدخراً إذ كان صبرك أعيا الداء بالكلل . لن نستطيع أن نوفيك حقك من الكلام ، ولكنه غيض نبلُّ به الأوام، وزاداً نتزود به على الدوام، وهذا أقل الوفاء، وجهد المقل من الجزاء. ومما جادت به القريحة من الشعور والمشاعر تجاه معاليه - أمتع الله به - أرجوزة لطيفة متواضعة أوردها ، إهداء رمز محبة ووفاء. قالوا الحصين /قلت النجابة رمز الديانة والإنابة نال المعالي والنقابه في الرئاسة والمهابه في ربى ذات المثابة والمدينة نعم طابه أستاذ جيل في الحبابه لبس التواضع والدعابه يارب كلل بالإصابه أعماله واحفظ جنابه وصلاة وسلاماً وإجابه للمصطفى والآل والصحابه وعذراً للتقصير والرتابه ففضلكم لن أمخر عبابه أسأل المولى جل وعلا أن يجعل ما قدمته شيخنا الجليل من صالح الأعمال مثاقيل في موازين الحسنات ، ورفيع الدرجات ، وأن يمتعكم بالصحة والعافية، إنه سميع الدعاء، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتبه المحب المقصر عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي 25-6-1433ه