ان مما يؤسَف عليه في هذا الزمان أن الشفاعة الحسنة أصبحت في حكم النادر بل والمعدوم مع الاسف الشديد في كثير من الاحيان ، فقد تناسى الناس هذه السنة المباركة التي سنها لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وما لها من دور كبير في بناء المجتمعات وتنمية العلاقات خاصة اذا أحسن استغلالها من قبل أصحاب المناصب والجاه والمكانات ، فقد قال عليه الصلاة والسلام ( من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل) وقال (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة في الدنيا فرج الله عنة كربة من كرب يوم القيامة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام . ولقد خلق الله الخلق وفاضل بينهم في في المكانة والارزاق والمناصب والجاه وغير ذلك ومن أجل أن يكون كل منهم مسخراً لخدمة الآخر وساعياً في حاجته ، فمن أفضل نعم الله على العبد نعمة الجاه والمكانة خاصة اذا ما سخرها في الخير وفي قضاء حوائج الناس ، ومن أعظم ابواب النفع للمسلمين هي الشفاعة الحسنة ، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس، حببهم إلى الخير، وحبب الخير إليهم ، هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة) ، ولكن مع الاسف ثمة البعض قد يغرة المنصب والوجاهة والمكانة فيترفع عن خدمة الناس ، ويمتنع عن قضاء حوائجهم بحجة انة لا يريد استغلال منصبة ، مع العلم بأن ذلك لا ينقص من جاهه ولا من منصبه شيئا . وتجده لا يتورع في تقديم نفس الخدمة ونفس الحاجة لقريب أو صديق ! فالشفاعة الحسنة تبذل لكل المسلمين وليس للأخوان أو الاقرباء كما يفعل البعض ممن يستغلون مناصبهم في تسهيل امور معارفهم واقاربهم والتي قد تكون على حساب من هو أفضل وأحق بها منهم ، فهناك بعض المسئولين يقومون بتوظيف ابنائهم أو أقاربهم أو من تربطهم بهم مصالح مشتركة ، في وظائف قد يكون هناك من هو أكثر استحقاقا وحاجة لها ، وقد يكون فيها إضاعة للحق وهدراً للمصلحة فيتم رفض اشخاص مستحقين بدون اسباب واضحة في الوقت الذي يتم قبول البعض فقط لوجود قريب أو صاحب لهم في تلك المصلحة !! فلعمري ان ذلك من أسباب سوء وهلاك المجتمعات ، فقد قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام ( .. إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ...) بما معنى الحديث . فالشفاعة الحسنة أمر مستحب ومطلوب لتقويم المجتمعات وهي من أعظم ابواب النفع للمجتمع لما فيها من زرع روح التآخي والمعروف بين أفراد المجتمع فخيرُ الناس أنفعهم للناس ، ومع ذلك فإن الشفاعة الحسنة مشروطة بأن لا تكون على حساب اضاعة حقوق الآخرين ، أو منع الخير عن من يستحقه، وأختم بقول الشاعر :