أكّد معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل،أن المملكة تدرك مكانة الملكية الفكرية ودورها في حفظ حقوق المبتكرين والمبدعين ودور مبتكراتهم في النمو الاقتصادي، لذلك انضمت للمنظمة العالمية للملكية الفكرية عام 1982م. وقال إن المملكة منذ انضمامها وهي تسعى جاهدة في إيجاد ما يكفل للمخترعين والمبدعين حقوقهم فأوجدت نظام براءات الاختراع وأبرمت العديد من المعاهدات الدولية ذات العلاقة بالاختراعات، وأقرت نظاماً للعلامات التجارية وحقوق المؤلف. وأبرز معاليه خلال افتتاحه المنتدى السعودي للملكية الفكرية أمس تحت عنوان”براءات الاختراع من الفكرة إلى السوق” الذي تنظمه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع جامعة الملك سعود ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع ضمن فعاليات الاحتفاء باليوم العالمي للملكية الفكرية، أهمية الملكية الفكرية بشكل عام والاختراعات بصفة خاصة في نمو الاقتصاد العالمي، مبيناً أن إحصاءات البنك الدولي أظهرت أن مساهمة هذا النشاط بلغت أكثر من 200 مليار سنوياً، وستصل إلى 500 مليار دولار عام 2015م. وأوضح أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، أنيط بها مهمة تطبيق نظام براءات الاختراع في المملكة، لذلك قامت بالعديد من النشاطات والإجراءات في هذا المجال، ومنها استقبال وفحص طلبات براءات الاختراع فحصاً شكلياً وموضوعياً بالإضافة إلى النماذج الصناعية، وتوفير خدمات البحث في قواعد المعلومات، وتوقيع مذكرة تفاهم مع منظمة “الوايبو” لإنشاء ودعم مراكز التقنية والابتكار في الجامعات ومراكز الأبحاث والقطاع الخاص بالمملكة، ليوفر هذا التعاون قواعد البيانات في مجال الاختراعات. وأفاد معاليه أن تنظيم هذا المنتدى يؤكد حرص المملكة على المشاركة الفعّالة في اليوم العالمي للملكية الفكرية بالتعاون بين المدينة وجامعة الملك سعود ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) بهدف رفع الوعي حول كيفية تحويل الأفكار إلى براءات اختراع وتسويقها. واستعرض معاليه بعض الإحصاءات التي تؤكد حرص المملكة ممثلة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على إنجاز ما يتعلق بطلبات براءات الاختراع والنماذج الصناعية وفق النظام السعودي الذي يتماشى مع التوجه العالمي في هذا الشأن، ومنها أن العدد الكلي للطلبات بلغ 17270 طلباً منذ بداية استقبال الطلبات في عام 1409ه الموافق 1989م، بينما بلغ عدد براءات الاختراع الممنوحة 2900 براءة اختراع، وعدد الطلبات التي تم البت فيها من منح ورفض وتعليق 15478 طلباً بنسبة 89% من العدد الكلي للطلبات. ولفت معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية النظر إلى أن عدد شهادات النماذج الصناعية الممنوحة بلغ 2225 شهادة، وعدد طلبات النماذج المنتهية 2936 طلباً، أي بنسبة 90% من العدد الكلي للطلبات البالغ 3272 طلباً، مبيناّ أن معدّل الوقت اللازم للبت في الطلب يستغرق ما بين سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات وهو المعدل العالمي، مفيداُ أنه تم الانتهاء مؤخراً من مشروع الإيداع الإلكتروني الذي سيسهم بإذن الله في سرعة التواصل مع مقدمي طلبات الاختراع دون الحاجة لحضورهم إلى مقر المدينة. ثم ألقى مدير الابتكار ونقل التقنية في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) الدكتور علي جزائري كلمة بين أن اليوم العالمي للملكية الفكرية هو فرصة للاحتفاء بإسهام الملكية الفكرية في الابتكار والإبداع الثقافي وما تسببه هذه الظاهرة الاجتماعية من منافع جمّه على العالم. وقال إن هذا اليوم فرصة لفهم أعمق لدور الملكية الفكرية كآلية لحفظ التوازن في المصالح المتنافسة التي تحيط بالابتكار والإبداع الثقافي ، أي بين مصالح المبدع كفرد ومصالح المجتمع ككل، ومصالح المنتج ومصالح المستهلك، والمصلحة في تشجيع الابتكار والإبداع والمصلحة في تقاسم المنافع المستمدة منهما، مشيراً إلى موضوع الثقافة هذا العام هو المبتكرون الملهمون وأثرهم الكبير في تحويل طريقة عمل المجتمعات. بعد ذلك دشّن معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد السويل البوابة الإلكترونية للملكية الفكرية, كما كرّم الحاصلين على براءات اختراع من المكتب السعودي لعام 2011م. من جهتها كرّمت صاحبة السمو الأميرة الدكتورة مشاعل بنت محمد الحاصلات على براءات اختراع من المكتب السعودي, معبرةً عن سعادتها بلقاء المخترعات السعوديات وما وصلن إليه من مراتب مشرفة للمرأة السعودية , حيث أشارت إلى أن هؤلاء المخترعات المبدعات يعدون لبنة صالحة في مستقبل التنمية بالمملكة. إثر ذلك بدأت فعاليات المنتدى بالجلسة الأولى التي رأسها المستشار بمجلس الشورى عضو لجنة النظر في دعاوى براءات الاختراع محمد العجلان وجاءت بعنوان “الملكية الفكرية والمجتمع”، واشتملت على ثلاث أوراق علمية، تحدث في الأولى أستاذ العقيدة في جامعة الملك سعود الشيخ الدكتور محمد العريفي عن “حفظ حقوق الملكية الفكرية في ميزان الشريعة”، مؤكداً أن الدين الإسلامي جاء بحفظ الحقوق العامة للناس، حيث شرعت العقوبات لمن يعتدي على هذه الحقوق، وهذه الحقوق تتعلق بالأراضي والأعراض والأنفس والعقل فلا يجوز لشخص أن يعتدي عليها. وبيّن أن الإنسان لا يجوز له أن يعتدي على عقله بشرب خمر أو تعاطي مخدرات أو إزالته بأي نوع من أنواع الإزالة، كما أنه لا يجوز للإنسان أن يعتدي على جسده كأن يقطع أصبعه من غير سبب. وأوضح أن الدين أوصى كذلك بحفظ المال فلا يجوز لأي شخص أن يتلف ماله أو يعبث به كما أنه لا يجوز له أن يعبث بمال غيره أو يتلفه وهو ما ينطبق على الاختراعات وحقوق الملكية الفكرية بشكل عام. ثم ألقى وكيل وزارة التجارة السابق رئيس الوفد التفاوضي لانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية الدكتور فواز العلمي، كلمةً أشار فيها إلى أن أسباب تراجع الاقتصاد المعرفي في الدول، يعود إلى تباطؤ خطط إعادة هيكلة التعليم، وغياب استراتيجيات البحث والابتكار، وبطء شبكات الإنترنت وضعف قدرات الاتصالات، وغياب صناعة تقنية المعلومات، وانتشار انتهاكات حقوق الملكية الفكرية، وعدم توفر الشفافية في تنفيذ الأحكام القضائية. وقال إن التعليم في العالم ما بين عامي (2001-2011م )، ارتفعت فيه نسبة التعليم الجامعي إلى 95% في كوريا الجنوبية، و90% في اليابان، و82% في أمريكا، و70% في أوروبا، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 31% في الشرق الأوسط، و26% في العالم العربي و6% في أفريقيا. وأفاد أنه خلال الفترة ذاتها، ازداد العدد الكلي للباحثين في العالم من 6 إلى 11 مليون، حيث حققت الدول المتقدمة نسبة 62% من هذه الزيادة، بينما لم تحقق الدول النامية، التي منها الدول العربية، سوى 38%، ومن الإجمالي العالمي وصلت نسبة الباحثين إلى 37% في آسيا و30% في أوروبا و25% في أمريكا، وانخفضت إلى 4% في العالم العربي و3% في أفريقيا. بعد ذلك تطرق الكاتب الصحفي بصحيفة الرياض فهد بن عامر الأحمدي في كلمته إلى “نظرة المجتمع المعرفي تجاه حقوق الملكية الفكرية”، مبيناً مفهوم مجتمع المعرفة وعلاقته بالملكية الفكرية. وأشار إلى أن المجتمعات البشرية تنقلت بين مجتمعات بدائية إلى مجتمعات رعوية إلى مجتمعات زراعية، لافتاً النظر إلى أنه في بداية القرن 18 بدأت الثورة الصناعية في أوروبا وتحديداً انجلترا، حيث دخل البشر في طور جديد وهو المجتمع الصناعي. عقب ذلك بدأت الجلسة الثانية التي رأسها المشرف على الإدارة العامة للملكية الفكرية بالمدينة المهندس سامي السديس تحت عنوان “الجوانب القانونية والتقنية خلال تطور الاختراع من الفكرة إلى المنتج”، واشتملت على خمسة أوراق علمية، تحدث في الأولى رجا صليبا من الولاياتالمتحدة عن طرق حماية الاختراعات والنطاق الجغرافي ومدة الحماية ومبدأ الأولوية، بعدها استعرض الدكتور هاينز جودار في الورقة الثانية استراتيجيات ومتطلبات تسجيل براءات الاختراع. وأبرز المدير الإداري في منتدى العلوم لخدمات الملكية الفكرية والصناعية بالأردن الدكتور محمد سليم دور كل من المخترع ووكيل البراءات في تسجيل براءة الاختراع، ثم استعرض أخصائي براءات الاختراع في مركز الأبحاث والتقنية بشركة سابك محمد الهاجري في الورقة الرابعة الاعتبارات الخاصة لتسجيل وإيداع طلبات براءة الاختراع، وفي الورقة الخامسة طرح رجا صليبا تقييم براءات الاختراع قبل الاستثمار لتحقيق الأرباح. يذكر أن المنتدى السعودي للملكية الفكرية الذي يستمر ثلاثة أيام يهدف إلى رفع مستوى الوعي بأهمية حماية الملكية الفكرية والاختراعات، والتعرف على أهم المتطلبات المتعلقة بنجاح تسويق براءات الاختراع،إضافةً إلى فهم الإطار القانوني لحماية براءات الاختراع،وتشجيع الاستثمار في براءات الاختراع والتعرف على طرق واستراتيجيات تسويق الاختراعات وترخيصها ، وإيجاد حلول لمشاكل تحويل الأفكار إلى منتجات في الدول العربية من خلال تحليل أسبابها ومعوقاتها.