في احدى المناسبات التربوية والتعليمية طرح عليَّ أحد أولياء الأمور بعض الأسئلة ويود أن أجيبه عليها قائلاً: من هو المعلم القدوة؟ وهل هو المجيد في مادته العلمية والمتمكن منها؟ أو هل هو صاحب الخلق الحميد والسيرة الحسنة داخل المجتمع المدرسي وخارجه؟ وبعد أن فرغ من أسئلته قلت له: اسمع يارعاك الله لقد اختلفت النظرة إلى المعلم في الوقت الراهن عن الزمن الماضي فقد كان المعلم في الماضي أكثر وقاراً واهتماماً وتقديراً من الجميع بداية بالطلاب الذين كانوا يقبلون على التعليم بشغف واهتمام وانتهاءً بالادارة المدرسية والمشرف التربوي ناهيك عن كتابة اسمه في لوحة الشرف ومنحه جائزة وشهادة تقدير بالاضافة إلى ما يصرف له من مكافآت ..أما اليوم فنجد النظرة تغيرت مع الأسف الشديد ، وهناك بعض من طلاب اليوم اصبحوا على قدر من اللامبالاة وضعف الرغبة في التعليم زيادة على عدم احترام المعلم وتقديره، ومن حيث إدارة المدرسة فنجد أن كاهل المدير مليء بأمور روتينية يومية تبعده عن الاهتمام بهذه الفئة من المعلمين علاوة على تنصيب عدد من مديري المدارس الذين ليس لديهم القدرة على التعرف على المعلم القدوة وتقديره وانما تميل الأمور في أكثر المدارس على العلاقات الشخصية البحته فمن أحبه جعله في أعين المحيطين والمرؤوسين قدوة ومن لم يتفق مع هواه أبعده عنه منزلة ولم يعبأ به مهما كانت قدراته. إن القدوة هي التعامل التربوي الأساسي في تكوين الاتجاهات الايجابية في أولادنا فهي أكثر فعالية من وسائل الايضاح العملية فالإنسان يسعى لتحقيق آماله في هذه الحياة فيعمل لكي يشعر بالسعادة مستنفذاً أقصى حد من طاقاته الكامنة ولا شك أن ما يتعلمه من خلال العمل أكثر ثبوتاً مما يتعلمه من خلال ما نسعى أو ما نرى. اذاً التعليم بالعمل هوالسمة التي ينبغي أن يعمل بها المعلم القدوة وذلك بعد الايمان وحسن الخلق فنحن لن نطيل الحديث في الجوانب الأخلاقية والعقائدية لأنها من المسلمات الأساسية للمعلم القدوة بل سأركز على الصفات والجوانب التربوية التي يفترض أن يعمل بها المعلم القدوة، وكما أشرت التعليم بالعمل بدلاً من حشو الأذهان بالمعلومات وهذا ليس مبدأ حديث بل هو أساس من أسس التعليم النبوي الذي التمسناه وكثير من المواقف النبوية الشريفة فعندما يقول رسول الهدى صلوات ربي وسلامه عليه (يامعشر المهاجرين والأنصار إن من أخوانكم من ليس له مال ولا عشيرة فليضم احدكم إليه الرجلين والثلاثة....) لم يقل ذلك في مجلس للعلم أو وهو قائم يخطب على منبره ، بل أشار إليه في أحد أسفاره وكانت النتيجة كما قال جابر: فضممت إليَّ إثنين أو ثلاثة ومالي إلا عقبة كعقبة أحدهم في جملي. إذن لابد وأن يكون لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ونختار المواقف التي تتطلب الاستجابة لتحقيق الهدف ولا ننسى أن يبدأ المعلم بنفسه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ..وهناك سمة تربوية أخرى قد يجهلها البعض من المعلمين وهي الترغيب الذي يشجع الممتازين وفي الوقت نفسه لا يغفل الضعفاء وكذلك القدرة على تنمية المهارات الفكرية الفعالة لدى المتعلمين فمن الجهل أن نقلد ما نرى ونسمع دون تمعن وتفكير لأن هذا الأسلوب لا شك يعطل التفكير أو يدخل عليه مؤثرات خاطئة قد تشبع الأهواء والرغبات الذاتية.. ومن هنا فإن أسلوب التعاون والتفاهم بين المعلم والطالب وفتح باب الحوار والنقاش بينهما أمر مطلوب لتقوية الثقة بالنفس. وأرى أيضاً أن أهم النقاط التي يجب أن يتم اختيار المعلم القدوة على أساسها الاهتمام بالمادة العلمية وطرق تقديمها والتنوع فيها مع أهمية استخدام الوسائل التعليمية ومراعاته للفروق الفردية بين الطلاب بالاضافة إلى انضباطه في العمل وعدم الغياب أو تأخره عن الحصص الدراسية ومشاركته في الأنشطة المدرسية ومساهماته الفعالة فيما يسند إليه من أعمال وأهم من ذلك القيام بهذه الأعمال ابتغاء وجه الله عز وجل بأمانة وصدق والتحلي بخلق القرآن الكريم وعليه ألا يخالف قوله فعله فيجسد بأفعاله وأقواله وتصرفاته ومظهره كل القيم التربوية وعليه أن يضع نصب عينيه قول الشاعر: لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيمُ وما أقوله عن المعلم أقوله عن المعلمة أيضاً فهم القدوة الحقيقية لفلذات الأكباد والله أسأل للجميع التوفيق والسداد والاخلاص في العمل. أقوال في الصميم!! | ما أجمل أن يبكي الإنسان والبسمة على شفتيه وأن يضحك والدمعة في عينيه. | لو لم تكن الحياة صعبة لما خرجنا من بطون أمهاتنا نبكي. |الإنسان الناجح هو الذي يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم ويفتح أذنيه قبل أن يفتح الناس أفواههم. همسة: قال أمير الشعراء عن المعلم: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا