الفساد ... لم يبدأ من اليوم او في هذا الزمن ... بل منذ الأزل ... فهو قديم قدم البشرية . ما دام هناك نفوس وطموح وشراهة وتطلع إلى المزيد واستعجال للثراء بحق وبدون وجه حق... وظروف أخرى يضاف إليها عدم الخوف من الله سبحانه وتعالى وعدم الحياء من الناس وغياب المراقبة من الجهات الحكومية ذات العلاقة ولا محاسبة ولا عقوبة رادعة للمفسد فردًا كان أو إدارة من الجهات الحكومية ذات الاختصاص ...عندها سيقع الفساد وسيكبر... وان لم يحاصر ويحارب إن وقع أو أخذ علم بوجوده ... سوف يستشري ويأكل الأخضر واليابس . والفساد لا يعني ان تسرق أو تستحوذ على ميزانية أو رصيد أو مخطط أو ... أو ... الخ ، إنما يتعدى إلى أشياء وأشياء فمن تعود ان يسرق الإبرة سوف يستمر وتكون لديه الخبرة حتى يسرق الجمل وكما قيل ...معظم النار من مستصغر الشرر. الفساد يا سادة ...يبدأ بأشياء ربما تكون صغيرة أو متوسطة ثم تكبر وتصبح مثل كرة الثلج تكبر وتكبر... وهذا الفساد من الطبيعي انه سوف ينخر في جسد الامة أو الدولة أو الجهة إلى ان يجعلها ركاماً بعد ان كان صرحاً شامخاً. - فمن الفساد في نظري عدم الانضباط في الدوام الحكومي وضياع جهود وأوقات المراجعين ...فالموظف اخذ مقابل هذا الانضباط وهذا الدوام مبلغا قل ام كثر ...وقد وافق على إسناد هذا العمل اليه ... فعليه الانضباط ثم على الجهة التي يعمل لديها ان تجعله منضبطا في هذا الدوام وعلى الجهة الرقابية الموكل إليها هذا الأمر ...ان تراقب هذه الجهة وتضبط دوام موظفيها من رأس الهرم إلى أسفله فان لم يكن ذلك ... فذلك هو الفساد . - ان يقوم مدير إدارة بقي له عام ثم يحال للتقاعد .... فيجعل هذا العام إجازة مفتوحة له دون ان تكون هذه الإجازة رسمية أو يترك صراحة هذا العمل لغيره ... فلا خوف من الله تعالى ولا من الجهة التي يعمل فيها أو حتى مراعاة لمصالح الناس الذين وضع لخدمتهم ... يعني انك لو أتيت إليه ربما لا تجده على مكتبه الا يوماً في الأسبوع وربما في بعض الأوقات الأسبوع كاملاً ... واسمه موظف ولا زال على رأس العمل ... وحاله في ذلك (اذا جيت رايح كثر من الغيابات ... أنت اسمك رايح رايح ... سنة ايش تفرق لو لم اداوم ... غيري كثير) ... فذلك من الفساد . - من الفساد أيضاً ان تدفع الدولة ممثلة في الأمانات أو البلديات أو المجمعات القروية ...المبالغ الكبيرة لشركات النظافة لكي تقوم بعملها على أكمل وجه لخدمة المواطن ...ثم تذهب تلك الشركة إلى دولة معينة وتأتي منها بعمال منهم كبار السن جداً وأصحاب الاعاقة مثل العرج وتضع منهم عامل النظافة والصيانة والمشرف والسائق ... كلهم من جنسية واحدة ... كي يغطي بعضهم على بعض...ولم يتبق الا المدير العام - ثم توزعهم في شوارعنا وطرقاتنا ومياديننا وأزقتنا ...اذهبوا ونظفوا وعندما تنظر اليهم وإلى معدات في أيديهم أعدوها للنظافة ... تذكرك بما كان عليه حالنا منذ نصف قرن ... ويا ليت الأمر بقي عند ذلك فقد تحول معظم هؤلاء العمال إلى متسولين عند إشارات المرور والمكاتب والمحلات التجارية ومن يدفع لهم يهتمون به ... والقسم الآخر منهم يضيعون الوقت في جمع هذه المخلفات بان يتجمعوا حولها ويبحثوا كل ما فيها ... حتى يخرجوا ما بها من غنائم « كرتون ، نايلون ، قصدير،فلين ،علب مختلفة ، أجهزة كمبيوتر ، وغيرها» فإذا كان إيقاف السيارة الخاصة بالزبالة وأخذ ذلك البرميل أو الحاوية يستغرق خمس أو عشر دقائق جعلوه نصف ساعة أو ساعة واسمهم عمال نظافة جاءت بهم تلك الشركة ليخدموا وينظفوا والله اعلم بحالهم وبخدماتهم ... من أجل ذلك يتأخر حمل هذه المخلفات وتتكدس في البراميل والحاويات وخارجها والمواطن يشتكي ولا يسمع لشكواه والواقع يشهد... فذلك من الفساد. يتبع السبت القادم إن شاء الله ... والله المستعان.