بنظرة سريعة إلى أساسيات العلاقات الدولية والعلاقات الأسرية ، نجد أن هناك أوجه تشابه إلى حد كبير بينهما: حيث إن العلاقات الدولية معروف عنها أنها ترفض تدخل الدول والحكومات الأخرى في شئون بعضها البعض ، حتى في ظل وجود العلاقات الأخوية بين القادة ورؤساء الدول إلا أنهم يعتبرون التدخل في شئون بلدانهم خطاً أحمر محظوراً تجاوزه أو التقرب منه ، وهذا ما نراه أيضاً في العلاقات الأسرية إذ إنها لا تختلف كثيرا عن النهج المتبع في نظام العلاقات الدولية وبالخصوص فيما يهدد استقرار الدول وأمنها وكيانها السياسي ، خاصة فيما نراه في بعض الأنظمة والمجتمعات التي تسعى دائماً من خلال قوانينها ودساتيرها إلى الحفاظ على بنيتها الأساسية كما هي أرادت لنفسها، ومن هنا كان نجاح واستقرار الدول أو الأسر غالباً ما يتوقف على عدم التدخل الخارجي في شئونها الخاصة ، ففي حال الأسرة مثلا إذا سمح أي فرد من أفرادها خاصة الزوج أو الزوجة بمشاركة آخرين في حل مشكلاتهم العائلية قد يؤزم ذلك الخلافات الأسرية ويزيدها تعقيداً ، في حين أن الحلول الذاتية النابعة من روح الأسرة كانت ولا تزال لها مفعول السحر في إنهاء الخلافات العائلية بكل يسر ونجاح ، إضافة إلى أن هناك أمور من المفترض أن لا تخرج عن حدود المنزل ، خصوصاً في حالة وجود أشخاص لا يقدرون مسئولية الكلمة ولا يجيدون الوصول إلى الحلول المناسبة التي تساعد بشكل جاد على إنهاء المشكلات الأسرية بصورة إيجابية ترضي كافة الأطراف المتخاصمة ، والعلاقات الحياتية عامة تكاد لا تخلو من حاسد أو جاحد أو جاهل ، ومن ناحية آخرى نلاحظ أن الجانب النفسي يلعب دوراً هاماً وكبيراً في حياة الأفراد والأسر ، خصوصاً عند نشوب مشكلات عائلية أو أسرية فيما بينهم ، خلاف ما نراه في العلاقات الدولية عندما تحدث مشكلات أو خلافات بين الدول، حيث لا نرى تأثيراً سلبياً كبيراً في العلاقات الدولية بنفس القدر التي قد نراها عليه في العلاقات الأسرية ، والتي غالباً ما تقتصر على قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولة وأخرى ، وهو ما قد يترتب عليه تبادل سحب السفراء والتمثيل الدبلوماسي ، وإيقاف التبادل التجاري والصناعي وأمور أخرى أغلبها اقتصادية ، أما العلاقات الأسرية فهي تتسم بالنواحي الإنسانية بالدرجة الأولى ، وتتدخل فيها العواطف والمشاعر النفسية إلى حد كبير ، وعليها فإن طريق إعادتها إلى الوضع التي كانت عليه يواجه صعوبات بالغة ، غير أن العلاقات الدولية تعتمد بشكل كبير على البروتوكولات والتمثيل الدبلوماسي الذي إذا عاد إلى أماكنه تعود العلاقات إلى طبيعتها .