اصدر اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي تقريرا اقتصاديا شاملا ومتخصصا حول تطور الأداء الاقتصادي لدول المجلس من بداية العام 2008م وقد أشار التقرير إلى أنه مع بقاء أسعار البترول في نطاق 85 إلى 90 دولاراً للبرميل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2008، وبلوغ إنتاج دول الخليج 16 مليون برميل يوميا واصل الانتعاش الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي نموه بمعدلات متسارعة حيث أعاد صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدلات النمو الاقتصادي في دول المجلس خلال العام 2008 وقد أتاحت الزيادات في أسعار النفط زيادة وتيرة الاستثمارات العامة والخاصة. وبين التقرير ان معظم هذه الاستثمارات تركز في البنية التحتية والمشاريع العمرانية والعقارية والسياحة والمشاريع الاجتماعية مشيرا إلى جهود التوسع في قاعدة التصنيع والخدمات إلا أن مخاطر التضخم وزيادة الأسعار زادت خلال الربع الأول من العام في حين ظلت أسواق الأسهم الخليجية حذرة بشكل عام بسبب إضطرابات أسواق الأسهم العالمية. وبين التقرير انه بات من المؤكد أن يستمر الرخاء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي في الأجل المتوسط مع أسعار النفط المرتفعة التي تساعد على الاندفاع في الاستثمار . . لافتا النظر إلى أن العدد الكبير من المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها ستوفر زخما لنمو قوي للقطاعات غير الهيدروكربونية لسنوات عدة قادمة ومع توقع بقاء متوسط سعر النفط مرتفعا في 2008 يتوقّع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 27.9 بالمئة إلى نحو تريليون دولار وبالرغم من الإفراط المستمر في الاستثمار سيعوض ارتفاع أسعار النفط بصورة اكبر ذلك الارتفاع وسيسمح بتحقيق فائض حساب جاري يبلغ 31.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2008 بالمقارنة مع 28 بالمئة عام 2007 مما يسمح لمختلف الدول الخليجية بإضافة مبالغ كبيرة إلى احتياطياتها المالية. ورأى التقرير انه نظرا للقيود المفروضة على التوسع في حجم الإنتاج يتوقع أن تبقى أسواق النفط حساسة خلال العام 2008 مع بقاء أسعار النفط فوق معدل 95 دولاراً للبرميل ونص على “ لا يتوقع زيادة إنتاج الدول خارج منظمة الأوبك سوى بقدر قليل في حين لا يتوقع زيادة إنتاج الأوبك نظرا للركود الاقتصادي الذي تشهده الدول الصناعية . . في الجانب الأخر يتوقع استمرار ارتفاع الطلب بمعدلات متوسطة لذلك فأن اتجاه أسعار النفط سوف يبقى بمسار تصاعدي في المدى القريب نظرا لحساسية الأسعار تجاه قيود الإنتاج وعدم الاستقرار السياسي وفي هذا الإطار سوف تبقى المملكة العربية السعودية تلعب إيجابي وأساسي في استقرار أسواق النفط وتخطط المملكة لاستثمار نحو 80 مليار دولار في المدى المتوسط بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل وزيادة طاقة التكرير بنسبة 43 بالمئة إلى نحو 6 ملايين برميل كما تعتزم دول المجلس الأخرى استثمار نحو 170 مليار دولار. وتوقع التقرير في الدول المصدرة للنفط بقاء معدلات النمو الاقتصادي فوق 6.5 بالمئة خلال العام 2008 ودول مجلس التعاون الخليجي فوق 7.5 بالمئة ويعزز الاستثمارات الكبيرة في القطاعات غير النفطية في هذه الدول ونظرا لامتلاكها موجودات استثمارية أجنبية كبيرة يتوقع بقاء برامج الاستثمار الكبيرة متواصلة حتى في حالة انخفاض أسعار النفط. كما توقع استمرار الفائض المالي بمستويات كبيرة في الدول المصدرة للنفط ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي. وأورد التقرير ملاحظة بأن التوسع في الإنفاق في هذه الدول يذهب معظمه في برامج استثمارية وخاصة مشاريع البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية بينما سوف يظل الفائض المالي غير النفطي مرتفعا ولاسيما في المملكة العربية السعودية وذلك فوق معدل 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. كذلك رأى التقرير انه رغم نمو حجم الصادرات فإنه يتوقع بقاء أرصدة الحسابات الجارية إيجابية وفوق معدل 18 بالمئة في الدول المصدرة للنفط وفوق 31 بالمئة في دول مجلس التعاون الخليجي مما يسهم في استمرار تراكم الاحتياطيات والموجودات الأجنبية . ونصل على انه رغم الارتفاع الملحوظ في عجز الحساب الجاري غير النفطي غير أن الركود الاقتصادي في الدول الصناعية مع استمرار اضطراب أسواق المال قد يحدو بدول المجلس الى توجيه جزء متزايد من استثماراتها خارج الدول الصناعية حيث قد استفادت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصورة كبيرة من التدفقات الاستثمارية الخليجية حيث يقدر معهد التمويل الدولي إجمالي تلك التدفقات بنحو 60 مليار دولار خلال الفترة من 2002 الىا 2006 بينما تقدر إحصائيات ارتفاع هذه التدفقات إلى نحو 85 مليار دولار عام 2007 وقد ناهزت 100 مليار دولار مطلع العام 2008 وهي تمثل 11 بالمئة من إجمالي التدفقات الاستثمارية الخارجة من دول مجلس التعاون والتي تقدر بنحو تريليون دولار خلال الأعوام السبعة الماضية.