لكل منا قدراته وإمكانياته , وميوله ورغباته , وهواياته التي وهبه الله إياها, فمن الناس من يهوى الكتابة والقراءة, ومنهم من يهوى الرسم؛ وأخر يهوى الرياضة, فالهوايات متعددة ومختلفة باختلاف البشر وأجناسهم وطباعهم ومجتمعاتهم. وعلى الرغم من الاختلاف بين المسمى والمضمون لتلك الهوايات إلا أن الطريق الوحيد للحفاظ عليها هو ممارستها واستثمارها على الوجه الصحيح والمرغوب , لذا وُجدت المكتبات والأندية الأدبية والأندية الرياضية ومعاهد الخياطة والحياكة , ومراكز التنمية البشرية والمهارية وغيرها؛ وذلك لكونها أمكنة مخصصة لتوجيه القدرات والإمكانيات وفقا لنوعها وللطريقة المثلى في الحفاظ عليها وتنشئتها. ولعل ما يسمى ( بحصص الريادة والجمعيات ) في مدارس التعليم العام والتي تخصص للطلاب والطالبات ابتداء من المرحلة الابتدائية تعد المحطة الأولى التي من المفترض أن تنمي تلك المهارات والهوايات وتعمل على صقلها وتوجيهها الوجهة الصحيحة , في حين أن واقع كثير من المدارس للأسف لا يُعني بتلك الحصص, فعلى الرغم من وجودها وحرص الإدارات على تواجد المعلمين والمعلمات إلا أن ما يُقدم في تلك الحصص ليس كافيا ليوثق الطالب بموهبته ويربطه بها ويعزز إمكانياته فيها. ومن جهة اخرى ينبغي أن يُترك للطالب حرية اختيار النشاط اللامنهجي والجمعية التي تتناسب مع ميوله وقدراته , بحيث لا يمنع من دخول الجمعية التي يحبها بسبب رفض المعلم أو اكتفاء المكان أو أي مبرر آخر , كما ينبغي أن لا تتقيد تلك الجمعيات بخطة روتينية سنوية معينة فالهدف هو استظهار ما يملك الطلاب من مواهب وليس الهدف هو الحد منها أو إكراهه على ممارسة الهواية التي يعشقها في إطار ضيق تمليه المدرسة أو بالشكل الذي يريده المعلم. وما ينطبق على طلاب المدارس ينبغي أن ينطبق على طلاب الجامعات والمعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي , كما آن وظيفتها هنا تتعدى الاستثمار إلى ربط الهواية بالواقع والمجتمع وفتح مجال الريادة والمنافسة والإبداع المحلي والدولي. وقد أثبت العديد من الطلاب السعوديين قدراتهم البارعة في عدة مجالات مختلفة مثل الاختراع والمحاسبة والطب وغيرها. إن الانفتاح التكنولوجي والمعرفي الرهيب الذي نعيشه اليوم يصحبه انفتاح مهاري واسع , فالكل أصبح ينادي بالتعلم بالاكتشاف والتطبيق العملي والتوجيه وليس بالفرض والتلقين , لذلك ينبغي للعمادات الخاصة بالأنشطة والتدريب الطلابي في الجامعات السعودية الأخذ في الاعتبار أن أهمية الأنشطة اللامنهجيه تضاهي أهمية ما يتناوله الطلاب من مادة معرفية خلال الدراسة الأكاديمية , فهي تضيء لهم طريقاً آخر يحقق لهم تقدير الذات والانتماء والولاء للدين وللوطن.