رأى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله - لعقد حوار عالمي بين أتباع الأديان تأتي في سياق دعوته الكريمة للعودة إلى ترسيخ الأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية السامية المشتركة بين الشعوب التي تهتم بشؤون الإنسان والأسرة . وأوضح المركز ان الله تعالى كرم بني آدم، كما تشير الآية الكريمة ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) وأن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تدعوان إلى الحفاظ على الإنسان، وإلى الإعلاء من القيم الإنسانية، والحفاظ على النفس والعقل والجسم، والحفاظ على كل ما يوطد العلاقة بين البشر من صلة الرحم ، والإحسان إلى الأقربين ، والتواصل بين الشعوب ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) . وأكد المركز أن تلك ثقافة التعارف والتسامح والاعتدال التي شرعها الله سبحانه وتعالى لبني البشر، ووفق هذا السياق تجيء هذه الدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين أيده الله . وقال (إن هذه الدعوة الكريمة لإقامة حوار بين أتباع الأديان السماوية ، سوف تجعل العالم يصرف النظر عن مقولة بعض المفكرين بحتمية صراع الحضارات) مؤكداً ان الحضارات تتكامل وتتعزز ويمكن أن تتعايش إذا كان هدفها سعادة الإنسان والبشر وهو ما يدعو إليه الإسلام . وتمنى المركز في تقرير له بمناسبة انعقاد المؤتمر الاسلامي العالمي للحوار في مكةالمكرمة أمس الأربعاء أن يحقق المؤتمر الذي يقام بمقر رابطة العالم الإسلامي أهدافه المرجوة في التأصيل الشرعي لمفهوم الحوار الإسلامي مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة في العالم، سيما وأن محاوره تبلورت في تحديد مفهوم الحوار وأهدافه وأسسه ومنطلقاته في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع النظر في تجارب الحوار الحضاري عبر التاريخ ومنهاج الحوار وضوابطه وتحديد آلياته وآدابه وطرق الحوار من أتباع الأديان الأخرى وأتباع الفلسفات الوضعية لتحديد سبل مخاطبة الوجدان الإنساني لحث الناس للعودة إلى الفطرة الإنسانية الإيمانية التي تؤمن بالإله الواحد، وتتيقن بالرسالات السماوية التي ختمت برسالة الإسلام وبنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، مما يحقق نوعا من الاستقرار الروحي لجميع الشعوب والثقافات . ولفت المركز النظر إلى أن هذه الدعوة الكريمة للحوار بما تحمله من تنوع ثقافي وفكري وحضاري ، قد استشرف آفاقها المستقبلية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله- مبكرا حين وجه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ أكثر من ثلاثة أعوام لطرق أحد أهم الميادين فعالية في هذا العصر الذي تقارب فيه العالم وتداخلت فيه المصالح والثقافات لبلورة رؤية وطنية سعودية للتعامل مع الثقافات والحضارات الإنسانية من خلال إقامة اللقاء الوطني الخامس ( نحن والآخر) لمعالجة القضايا المشتركة بيننا وبين أمم العالم وشعوبها ، ولجعل الحوار وسيلة فعالة لمعالجة المشكلات الكبرى التي تعاني منها البشرية، وجسرا متينا يحقق تعاون الدول والمنظمات والمجتمعات على اختلاف ثقافاتها، فيما تجتمع عليه من قيم إنسانية مشتركة تحقق العدل والأمن والسلام البشري إلى جانب جعل الحوار بين أتباع الأديان والثقافات بديلا عن دعوة الصراع التي تهدف إلى انتهاك حقوق الشعوب، وتدمير العلاقات السلمية بين المجتمعات الإنسانية وأتباع الأديان المختلفة، فضلا عن البحث عن القيم الإنسانية المشتركة في تراث الحضارات والثقافات الإنسانية الأخرى وفي سلوك أتباعها، وعن النماذج الإيجابية المشرقة في حضارتنا الإسلامية، حيث التعايش المشترك، والتضامن والتراحم والتواد، وإبرازها لإشاعة روح الحوار والتسامح في الأوساط الاجتماعية العامة ، وذلك من خلال مناقشة بعض القضايا التي تنبني عليها العلاقة مع الآخر في إطار الأصول والقواعد الشرعية المتعلقة بالمواثيق والوفاء بالعهود واحترام الآخر والمجادلة بالتي هي أحسن، وتوضيح رؤى وتصورات الآخرين تجاهنا، وكيفية التعامل مع الآخر، من خلال تناول موضوعات تلامس الواقع، ومسؤوليات مؤسسات المجتمع في بناء العلاقة مع الآخر في مختلف المجالات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والسياحية، واقتراح الأساليب والوسائل العلمية التي تسهم في التواصل الإيجابي مع الآخر بهدف صياغة رؤية وطنية تتضمن الجوانب المتعلقة بالعلاقة مع الآخر . وأشار إلى أنه تم وضع جملة من المحددات في موضوع اللقاء الوطني الخامس (نحن والآخر.. رؤية وطنية مشتركة للتعامل مع الثقافات العالمية) وفي نهاية اللقاء الختامي تمت صياغة الرؤية الوطنية للتعامل مع الثقافات العالمية وحظيت بتقدير من اطلعوا عليها مسلمون وغير مسلمين . وقال المركز : وبالنظر إلى القيمة الفكرية الكبرى لهذا الموضوع، فقد تمت مناقشته في مختلف مناطق المملكة ، حيث عقد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ثلاثة عشر لقاء حواريا في جميع مناطق المملكة بمشاركة حوالى ( 700 ) مشارك ومشاركة، يمثلون تخصصات متنوعة من أبناء هذه المناطق حيث هدفت تلك اللقاءات إلى إيضاح الأسس والقواسم المشتركة التي تقوم عليها العلاقات بين الثقافات المتنوعة والوصول إلى رؤية وطنية مشتركة تحقق قدرا من الإدراك الواعي لأسس الحضارات والثقافات العالمية، وإشاعة الوعي بهذه الحضارات والثقافات، ودورها في بناء الوعي الإنساني والتنمية الإنسانية، وتحديد الوعي بالأطر الدينية والثقافية للتعامل مع مختلف الثقافات.