تتمة ما سبق: لقد أعجبت منذ زمن كما قلت بكتاباته أعني المعلمي وبما يتطرق إليه هو ونفر من مثقفي بلادنا كالاستاذ الكبير عبدالعزيز السالم عزيز ضياء، عبدالفتاح أبو مدين، محمد العقيلي، محمد السنوسي كشاعر لا يجارى.. وظللت ادقق واتابع ما يدفعونه ويطرحونه.. وهؤلاء على قلتهم دون التنقيص من غيرهم نخبة فيما يتناولونه ويقدمونه.. ولعل الاستاذ يحيى المعلمي بعد تفرغه ولا أقول تقاعده قد اولى اللغة العربية جل وقته باحثا ومدققا وجاهراً بصوته وبمقالاته العديدة حتى عرف بهذا داخل بلادنا وخارجها الامر الذي أهله بجدارة الى أن يكون رمزا في هذا الجانب ولعلني قد ناقشته مرة من المرات فوجدت ان مبعث حرصه هو المحافظة على لغة القرآن والتراث العظيم والخوف عليها من خطر العامية ومستحدثات اللسان السائبة وبصفته من أنشط اعضاء المجمع العلمي بالقاهرة وليس كالأعضاء الأسماء ولكن من الأعضاء الفاعلين الموقرين.. فقد حدثنا ذات مرة عن موقف حصل له مع رئيس المجمع الدكتور البحاثة شوقي ضيف عندما حاول هذا الأخير التساهل في قلة من الألفاظ العامية حيث وقف المعلمي أمام الأعضاء وقال بملء شدقيه: إن مجمعنا هذا هو مجمع اللغة العربية وليس مجمع اللغة العامية.. والمعلمي مع كل هذا اديب شاعر مطلع يحمل في صدره موهبة مطبوعة على الأدب.. ليس ناقلا او مدللا او مبهرجا او متزلفاً او متطاولاً او مجادلاً فيما لا يحسن.. ولعلمي بهذه الاشياء فقد كنت من المنصفين الذين ناصروه وقالوا ما عرفوه عنه.. لقد أحببته في الله وكان حريصا على مهاتفتي والاعجاب بما أكتبه ولعله يجاملني ويريد مني زيادة التجويد إلا انني لا آخذ كل ذلك إلا من قبيل تقديره وتشجيعه فهو معروف بدماثة الخلق ولين الجانب والحرص على الاكثار من الأصحاب والمعارف، كان رحمه الله بسيطاً متجاوباً يأتي من يدعوه ويقدر من يسأله.. ولم ازر يوما له منزلا ولا أعرف حتى أين يقع بيته أو مكتبه ولم اقابل احدا من ابنائه او اي قريب له ومع هذا كان ادبه النفسي يملأ المكان فهو حاضر في الذهن قريب من احبابه.. وكم من مرة شاهدته في احدى الامسيات قريبا مني أو أأشر اليه بالسلام وهو على مسافة لا أحب قطعها او تجاوزها نظرا لاختلاف الوجوه.. ومما يزهدني في بعض الجلسات اياها مجموعة من اللفيق الذين يهرولون الى هذه الندوات للبحث عن الاضواء والثرثرة بنية التعارف وجلهم نظامون محترفون.. رحم الله المعلمي لا أقول انني اول من تنبه الى وداعه إذ قلت مرة من المرات وهو خارج من المشفى على سبيل الحسرة والتأثر البالغ: هاتفت استجلي جميل الشعر عن روح النزيه؟! المنزوي بسماته عن كل جماع سفيه؟! المنتقي بالحب فيما يبتديه وينتهيه؟! يحيى الذي من يتمه حتى تساوى مع بنيه؟! رحب كما رف الاصيل من المحامد في النبيه؟! نال الفصاحة مستقيما من فقيه عن فقيه؟! والناس والدنيا الرحيبة بين لا .. وايه ايه؟! وطبائع منذ المدى هذا ذويه وذا ذويه؟! والمعدن الرنان يضحك عند معرة صاقليه؟! يكفيك دوحة احمد يا دوحة الاخيار تيه؟! ناديه يا عصم البدائه عن مقامك واسأليه؟! مغدودن الجبل الوضء ضماد روحه عن ابيه؟! يحيى كفاك أمانة ما تحتميه وتنتقيه؟! وما عسى متطاول على الضيا يطفي بغيه؟! آخا الكبار من الخليل وسيبويه ونفطويه؟! الجد من عليا قريش والمقام الحر فيه؟! ضوء من الصديق عما قيل في الظلما يريه؟! اطفى وانقد في العروبة من سهيل وما يليه؟! هاتفته متأثرا وحثثت صوتي اجتليه؟! اين الذي يدري بشاردة البيان ويدريه؟! اين المعلمي المجادل بالدليل فبي إليه!! خوف وخوف القانعين كما يقال من البديهِ!! رحم الله فقيد الكلمة الصريحة يحيى المعلمي وابدله سكنا خيرا من سكنه واهلا خيرا من اهله.. وبهذا اظن انني قد أوضحت للمتسائلين الكرام عن بعض ما سألوني عنه..