تحتفي دارة الملك عبدالعزيز اليوم بمرور أربعين عاماً على تأسيسها كأول مؤسسة حكومية تهتم بالمصادر التاريخية ولتسجل حضورها في المحافل الثقافية وتعكس الاهتمام المبكر للدولة بالتراث والمصادر التاريخية. إلا أن المنعطف الكبير لمسيرة الدارة كان في عام 1417ه حين تم تشكيل مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض لتنتقل دارة الملك عبدالعزيز إلى مرحلة من العطاء المتميز في خدمة تاريخ المملكة العربية السعودية وإرثها العلمي والثقافي والاجتماعي والحفاظ على تراثها بكل جوانبه. ولتقرر كيفية عمل جديدة بتوجيه من سموه حفظه الله في اقتناء الوثائق التاريخية والمخطوطات كونها المصدر التاريخي الأصل والأكثر إثراءً للمعلومات التاريخية ، والهدف الأهم لمؤسسات البحث التاريخي في العالم ، فحظي هذا الجانب لدى سمو رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز بكثير من الاهتمام والعناية والرعاية المتواصلة وأصبح أحد الاستراتيجيات الرئيسة التي ترتكز عليها الدارة في خدمة المجتمع العلمي. وتقوم مراكز الوثائق والمعلومات والمخطوطات بالدارة ببحث مستمر على مدار العام عن تلك المصادر خاصة فيما يتعلق بتاريخ المملكة وتاريخ الجزيرة العربية وفي كل المناسبات التي تشارك بها الدارة داخل البلاد وخارجها. ولخدمة هذا الدور فتحت دارة الملك عبدالعزيز الباب لمشاركة المواطنين في أداء رسالتها الوطنية والعلمية ضمن خطة عمل في جلب أكبر عدد ممكن من المصادر التاريخية ، وتتوخى الدارة من ذلك فك العزلة للمؤسسة البحثية وتقريب حركتها الثقافية من نبض الشارع، وكان أول من بدأ هذا العمل الوطني أبناء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وأحفاده وفاءً للقائد المؤسس وتأكيداً على دور الدارة العلمي والوطني. فقد قدّم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام مقتنيات خاصة للملك عبدالعزيز بن عبدا لرحمن آل سعود “ طيب الله ثراه “ كان قد استخدمها جلالته في حياته كما أهدى الدارة (18) صورة نادرة للحرم المكي والمسجد النبوي التقطها محمد صادق بك بين عامي 1861 1881م وقدم صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز للدارة مقتنيات خاصة لوالده الملك المؤسس طيب الله ثراه ضمت إلى مكونات القاعة التذكارية. وفي بادرة علمية كريمة سلم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في بداية رئاسته لمجلس إدارة الدارة مخطوطة نادرة لكتاب “ المقنع في الفقه “ لمؤلفه الشيخ سليمان بن عبدالله بن عبدالوهاب كتب بخط المؤلف عام 1220ه كما أهدى سموه الدارة وثيقة أصلية ونادرة جداً عبارة عن رسالة من الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود إلى سليمان باشا نسخت في 14/ 11/ 1225ه وتحمل ختمه رحمه الله . وقدّم سموه تلك المصادر التاريخية تحفيزاً للمواطنين من الباحثين والمؤرخين ومن لديهم مصادر تاريخية وعلمية للانخراط مع الدارة في هذا العمل الذي يعود نفعه للوطن ولحركة البحث العلمي بصفة عامة ، وتبع ذلك عدد من الأمراء في أوقات تالية في إيداع مقتنيات ووثائق ومخطوطات تخص تاريخ المملكة العربية السعودية أو ذا قيمة علمية في مجالها تعبيراً عن وفائهم للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي كان حريصاً على حفظ الكتاب واقتنائه وتشجيع حركة طباعته ، ودعماً لمساعي الدارة الوطنية ودورها في خدمة تاريخ المملكة العربية السعودية والمحافظة على مصادره وفي التسهيل على الباحثين والباحثات من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها. وكانت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء قد أصدرت فتوى برقم (23194) وتاريخ 3/2/1426ه التي جاء فيها جواز نقل المكتبات الموقوفة على ذرية صاحب المكتبة أو على مسجد أو مدرسة أو مكان معين إلى دارة الملك عبدالعزيز إذا لم يتوفر في هذا المكان المعين من يحافظ عليها من التلف أو السرقة ولا توجد القدرة على العناية بها وخدمة المستفيدين منها كما ينبغي ، وكذلك جواز نقل المكتبات الموقوفة على ذرية صاحب المكتبة من مكان تعطل الانتفاع بها فيه إلى مكان آخر أصلح وأنفع. ويستقبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز المواطنين أو من هم من خارج المملكة العربية السعودية ممن لديهم مصادر تاريخية أومن لهم صلة بتاريخ المملكة العربية السعودية سواء العائلية أو العملية في بادرة يقودها سموه لتحفيز ملاك وأصحاب الوثائق والمخطوطات التاريخية والأوراق الشخصية من مذكرات أوصكوك ملكية أومؤلفات أورسائل على إيداعها أوتسليم نسخة منها لدى الدارة حتى تتحقق السلامة المادية والمعلوماتية لتلك المصادر المدونة بازدواجية الحفظ احتياطاً من الطوارئ والحوادث التي قد تتلف هذه الثروة العلمية التي تحاول دارة الملك عبدالعزيز إعادة قيمتها التاريخية وإدراجها ضمن المشروع العلمي الوطني وتبني الحق العام في مثل هذه المحفوظات المهمة لحركة البحث التاريخي في جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع السعودي وكذا الحياة السابقة في الجزيرة العربية. ويتصف الأفراد الذين شاركوا الدارة نشاطها في حفظ تلك المكتنزات التاريخية بأنهم أبناء أو أحفاد لشخصيات عملت مع الملك عبدالعزيز بن عبدا لرحمن طيب الله ثراه مؤسس المملكة العربية السعودية أو تسلموا مناصب قريبة من القرار الحكومي ، أوعلماء ، أسهموا في نشر وتأصيل الدعوة الإصلاحية سواء في بداية انطلاقها أو من الأجيال التالية من الدعاة إلى مبادئها الإسلامية الخالصة، أوهم من ذوي مؤرخين انتبهوا لجمع وحفظ المصادر المكتوبة مبكراً ، وتحتفظ دارة الملك عبدالعزيز بأسماء هؤلاء في قائمة الشرف لديها وتدرج تحتها الكتب والوثائق والصور الفوتوغرافية التي تحصلت عليها منهم أو من ورثتهم أوذويهم بعد أن ترمم وتصون المتضرر منها في قسم خاص بترميم المصادر التاريخية. وعلى سبيل المثال استقبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز في مكتبه أحفاد المؤرخ الشهير عثمان بن بشر رحمه الله التي تعد كتبه مراجع متكاملة عن الحياة في الجزيرة العربية والمجتمع السعودي وخاصة الحياة السياسية ليتسلم منهم وثائق كانت قد انتقلت إليهم من جدهم العلامة المعروف ومخطوطة نادرة كتبها رحمه الله بعنوان “ مرشد الخصائص ومبدي النقائص”. كما استقبل سموه عبدا لرحمن بن محمد الرفاعي عمر بن صالح الهاشمي وهما باحثان معروفان من منطقة جازان لهما مشاركات علمية وبحثية في ملتقيات متخصصة على مستوى المملكة العربية السعودية ولهما اهتمام بالمواد التاريخية وسلما سموه مخطوطة أصلية للكتاب المعروف (التبر المسبوك في تاريخ الملوك ) كما قدما لسموه وثائق تاريخية عن منطقة جازان تتعلق بتاريخية جوانب حياتية في المنطقة.