سرُّ الدفين إذا ارتحلْ سر يطاوله الأملْ لِهُنا تباعدها هناك، لكل حلم محتملْ والنّايُ صوتُ الحزنِ والأيام تاريخُ المواجدِ مذ عرفنا الصَّرخةَ الأولى من الميلادْ أو مذ تعلَّمنا اشتقاقاتِ المعاني منذُ صغنا الصوتَ حرفاً للخَطابةِ والخطاب فما حروفُ الأبجديةِ في العوالم تختلفْ ألِفٌ ألفْ في كلِّ أنواعِ اللغاتِ وما تبدَّل غيرُ لحنِ الصوتِ واللفظِ المترجمِ من لسانٍ عَن لسانٍ ، واليقينُ الحكمُ من فِطَنِ الجنَانِ ومن أحاديث الشِّفاهِ صدىً يعلِّمنا البيانَ ، فهل تحسَّسنا السعودَ ، أو النحوسَ ؟ لكي نرى نُطقَ السمات عن اللغات ، فما الكتابةُ كالمرايا في النَّظرْ كلُّ الحروف أو المعاني من قواميس الصورْ هذا الخيالُ كأنَّه طيفٌ يمرُّ على القراءةِ والعبارةِ والبلاغةِ ، للشجرْ لغة الحفيفِ إذا تمايلت الغصون توشوش الأوراقَ تروي عن حكايات البراعمْ والطَّيرُ قد فُطرت على حَذَرِ الخطرْ من دون إيحاء الكلمْ حتى الكواكبُ والشموسُ ، وبعض أَجرام أُخَرْ للنور الفاظٌ ومعنىً كالسؤال وكالخبرْ والصمتُ آهاتٌ من الأنفاسِ تشكو الضيقَ والآلامَ ، تَشعرُ أنَّ في الأفراح تبتسِمُ النجومُ إلى القمرْ إلاَّ السُّدُمْ فهي الدُّجى المغلول والموتُ العدمْ جثث المعاني والحروف ، دفائنُ التاريخِ مثلَ الطين أشلاءٌ رممْ أجداثُ أصوات الأمم لكأنها الأرواح تهمس في الخلائقِ مثلما النجوى فمن روحٍ لفمْ تتوحَّدُ الألفاظُ من وحي الفُهُومِ وينجلي وجهُ الحقيقةِ في الزّمنْ فخوارقُ الإعجازِ تفتضُّ الغيوب من الحجبْ وستختفي كلُّ الظنون أو الرِّيبْ ولسوف يعلم كلُّ خلقٍ مبتداهُ ولا يكون له انتهاءْ فكأنه عِلْمُ المصيرِ وعِلْمُ ما تُخفي الصدورُ وما يدور بكل أحقاب الدُّهور ، ترى الضمائرَ كالشموسِ مكشَّفاتٍ للعقولِ وللعيونْ من كلِّ آياتِ المعارفِ والعلومِ ستحتقبْ في البدء ترتاب النفوسُ يُعيدُ أُلفتَها الخلود لكأنما كلُّ الحروفِ وكلُّ أصداء اللغاتِ من القلوبِ إلى العقول ، وفي الثغورِ تُعَدُّ من بعض الفُضُولِ إذا عرفنا سرَّ (كنْ) كيما نكون .