ظلت ولم تزل المدينة الجبلية الفاتنة ( أبها البهية ) واحدة من المدن السياحية الخلابة في الوطن العربي.. ورغم هذا التكوين الجغرافي والمناخي الذي تنفرد به هذه المدينة الساحرة منذ بواكيرها الأولى والتي كانت مكتظة بالجداول والبساتين والقرى المتناثرة على ضفاف واديها.. إلا أنها لم تكن محظوظة في عصر الثورة التنموية الحديثة باختيار المسؤولين عن بلديتها ما عدا مرحلة القيادي الوقور صالح المحيميد والمرحلة الذهبية للمهندس – محمد صالح الشهري – الذي تسنم آخر ورقة لمنصبها قبيل انتزاعها وضمها لأمانة منطقة عسير.. نعم.. لم تكن محظوظة بقيادات هندسية بارعة ومقتدرة.. تصنع منها واحة ولوحة مدهشة، ومن غير المساس بإرثها وهويتها وأحيائها وأسواقها القديمة.. نعم.. لم تكن محظوظة.. لأنها وقعت في فخ الاتجاه في تنميتها وامتدادها العمراني والتنموي ( شرقاً ) وإهمال اتجاهاتها الشمالية والغربية عن إيصال التنمية لقراها ومنتجاتها السياحية والتي كانت ولم تزل تحتاج للمزيد من الطرق والسفلتة والرصف والإنارة.. ولم تكن محظوظة عقب إلغاء بلديتها وترحيل الكثير من دوائرها الحكومية باتجاه الشرق وتفريغ عاصمة منطقة عسير من مؤسساتها الرسمية بطريقة تدعو للتساؤل والتداعيات.. ولم تكن محظوظة – كما كان يتطلع ويتمنى أهلها – حينما كاشف برنامج ( بدون شك ) أسماء القيادات من المهندسين في أمانة منطقة عسير وهي تمارس أدوارها في التعطيل والتجاهل بعدم تنفيذ القرارات الشرعية والسيادية.. وهذه المكاشفة في التعطيل والتسويف والارتجال جعلت المواطن يسلم ولا يستسلم ويزداد قناعة بأن تدمير المدينة هو إرث طال تغيير مسميات شوارعها والإصرار على سقف واديها وهدم منازلها بذريعة توسيع مساراتها وعدم الالتفات لأحيائها القديمة باتنزاع ملكياتها وتأهيلها واستثمارها.. ولم يستحضروا خطورة قرار القضاء على بعض المساحات الجبلية والمسطحات الخضراء بمتنزه السودة.. بفتح المزيد من شبكات الطرق في اتجاهاتها الشرقية.. وجملوا طرقاتها العلوية باستزراع أشجار النخيل الذي لا يقبل أو يتناغم مع طبيعة ومناخات السودة الباردة والمطيرة.. واليوم.. ها هي أمانة عسير تبتكر حاجزاً منيعاً للمراجعين لأمانتها بعدم دخول المواطنين لملاحقة معاملاتهم وهمومهم اليومية في أقسام الأمانة وتركهم رهينة للأرقام وتبادل الأدوار لمقابلة موظفي العلاقات العامة.. وحتى تستعيد أمانة عسير وهجها الذي يتجه ويخبو نحو الضياع.. ها هم يحرثون تراب إسفلت المدينة القديم ليخرجوا بعمل جديد ولكنه لم يكتمل بإهمالهم لتأهيل الإنارة ورصف المتهدم والمتناثر لمعظم جوانب الطرقات التي تم سفلتتها.. وأخيراً.. كم نحن في حاجة ملحة وقصوى لاستثمار تجربة رؤساء بلديات مدن محايل وأحد رفيدة وخميس مشيط.. والذين سجلوا نجاحات مشهودة وزرعوا في شرايين الوطنية أنموذجاً مشرفاً من الوعي والعمل والإخلاص ومساحة كبرى من البذل والجهد والابتكار.. تكتبها لهم الأجيال والتأريخ بمداد من ذهب.. لتبقى مدينة المطر والغيمة معتقلة لمزاجية وفوضى أمانتها والتي لن تنفك قيودها إلا باستعادة اختطاف بلديتها وتفويض المؤتمنين لقيادتها…! ( شاردة.. ) كارثة.. حينما يحول الانتهازيون مؤسسات الدولة إلى مؤسسات خاصة ينمو في جسدها الفساد والمزاجية ولغة العلاقات العامة..!