الكثير منَّا لديه أحلام بعضها قد يكون مستحيلًا، وذلك لبُعده عن الواقع الذي نعيشه، أما النوع الآخر كما يُقال عندما يصبح الحلم حقيقة، هذا النمط من الأحلام هو عبارة عن طموح أو هدف يرغب البشر في تحقيقه، لكن توجد بعض العقبات لإنجازه، هذه العقبات قد تكون من المجتمع بمعنى عدم وجود الداعم أو قد تكون من العامل المادي، وهناك غيرها من العوامل، لكن الإنسان الشغوف والطموح لا يرى هذه عقبات، وكأنّه يرتدي وشاح تفاؤل، ويحطم هذه الحواجز بهذا الوشاح حتى يصل إلى هدفه. نعم قصتنا اليوم عبارة عن حلم طفولي زُرِعَ بين حنايا صدر شاب منذ صغره، لكنه لم ينس هذه الغاية؛ بل تركها حتى ازداد علمًا ونورًا وتغذّى بها، ثم حان الوقت الذي رمى فيه معطفه القديم ليكشف عن اختراعٍ جميلٍ. ولم يكن لبيئة البادية، الذي كان له فيها الكثير، أي تأثير في حياته تحجبه عن الإبداع، بل كانت دافعًا له لإثبات نفسه، وليؤكد ما يتمتع به الشاب السعودي من عقليات علمية تفتقر فقط للدعم. وانطلق وحيدًا بمقتدراته ومعداته البسيطة داعمًا نفسه ومحفزًا إياها بأن لا شيء يقف في طريق أي مبدعٍ متى ما أراد النجاح سوى البدء في تطوير موهبته، وترك كل الأمور المحبطة خلفه. ويعشق العلم منذ الصغر، وكان حلمه الطيران، حبّه لذلك جعل منه يصنع في نهاية المرحلة المتوسطة أول “حوامة” والتي تستخدم مراوح ضغط في الأسفل، بحيث تستخدم ضغط الهواء لترتفع على أي سطح. وفي أول عام له في التعليم صنع مع أحد طلابه محركًا نفاثًا يدوي الصُنع من علبة “شوربة شوفان وبخاخ دهان”، بعدها صنع محركًا نفاثًا ضخمًا باستخدام تيربو سيارة، وقام ببيعه لشخصٍ في مجال الطيران. ودخل عالم الحاسب الآلي تعلّم وخطوة بخطوة أتقن وتفنن، أصبح ملمًا بكل ما تمتلكه أجهزة الحاسب الآلي من قدرات إلى درجة أن أصبح لا يعني له شيئًا، وأصبح يشعر بنوعٍ من الملل، وذلك كله للإلمام التام به، كما دخل عالم الإلكترونيات وأتقن ذلك بتعليم ذاتي؛ ليثبت أن التعليم مفتوح لأي شخص ودون اللجوء لأحد. والكل منّا يتذكر المسلسلات الكرتونية اليابانية ك (سنشيرو) و(جوماروا) و(قرانديزر)، والتي هي عبارة عن أجهزة روبوتات هذه المسلسلات الكرتونية كانت أحد إلهامات الشاب السعودي المخترع للروبوتات في السعودية، والذي انتشر له مقطع فيديو مع أحد اختراعاته. “المواطن” وحرصًا منها على دعم الكوادر السعودية، كان لها السبق في زيارة الشاب المعلم فهد نفاع السلماني، أستاذ الحاسب الآلي في ثانوية بلاط الشهداء، في جدة، والذي نشأ في مدينة جدة، وكان منذ الصغر يعيش في عُزلة عن أبناء الحي؛ لحُبِّه للتعليم، وتطوير نفسه، ومرافقًا لوالده في الذهاب للبر. وتخرّج السلماني في جامعة الملك عبد العزيز في تخصص علوم الحاسب الآلي في عام 2002م، وتعيّن قبل التحاقه بالتعليم، مديرًا للدعم الفني بجامعة أم القرى، وتم فصله من الوظيفة، بعد ذلك عمل في مستشفى النور التخصصي بالدعم الفني، وخلال هذه الفترة قدم على التعليم وقبل فيه. يقول السلماني، قبل التحاقي بالتعليم، جعلت جميع سكان الحي الذي كنت أقطن فيه يمتلكون أجهزة حاسب آلي؛ وذلك لحبي له وإلمامي فيه ورغبة مني في إفادة الجيران بذلك، حتى إنّه في يوم من الأيام رآني أحد الجيران أقف مع شخص من خارج الحي أتحدث معه عن الكمبيوتر؛ فقال الجار للشخص الذي أقف معه سوف يقنعك بأن تمتلك كمبيوتر، وهو بالفعل ما حصل. وألمَّ ب “الأندرويد”، وأصبح بإمكانه تصميم أي برنامج، “صممت برنامجًا أثناء عملي كمعلم، وعملت عليه لمدة سنتين يختص بإدارة الفصل في المدرسة؛ لكن للأسف لم يُقبل من إدارة التعليم؛ بسبب أن الفكرة لم تصل لهم على الطبيعة، على الرغم من إعجاب المدير والموجهين والزملاء به، لأنه يريح المعلم في مراقبة الطلاب وتحضيرهم بالإضافة على احتوائه على كل الملاحظات التي يتم رصدها على الطلاب واحتفاظه به مع تحديد الوقت”. وحكى السلماني ل ” المواطن” عن بداياته مع الروبوتات قائلًا: “تذكّرت في يوم من الأيام أنني قرأت في إحدى مجلات الكمبيوتر مقالًا عن شركة صنعت روبوتًا يستطيع أي شخص أن يمتلكه ويبرمجه حسبما يريد، بحثت عن تلك المجلة وبعد العثور عليها أعدت قراءة المقال، وقمت بعدها بالبحث في قوقل عن الروبوتات وأنواعها، كما قمت بعمل دراسة عنها، وما هو أفضل روبوت بالنسبة لي”. وأضاف السلماني: وجدت أنواعًا عِدة منها (الهكس بود) و(والدرويد بود) و(الهيومنويد)، وبحكم رغبتي في روبوت مرن أستطيع أن أتحكم في شكله بحيث أضعه مرة على هيئة إنسان ومرة على هيئة حيوان ومرة على هيئة حشرات اخترت “شكرة بايلود الكورية”، وهي أول شركة تعاملت معها، وهذه كانت انطلاقتي مع عالم الروبوتات، والتي أدخلتني أيضًا في عالم “الأندرويد” لأتمكن من التحكم في الروبوتات، والتي هي عبارة عن آلة قادرة على اتخاذ أي قرار من نفسها دون تدخّل بشري بها، مؤكدًا أنها بسيطة، ويمكن أي شخص الدخول لها ولعالمها، ويمكن استخدامها بأي شيء بالحياة. وكشف السلماني عن أن تكلفة أول روبوت ب5000 ألف ريال، وتم تطويريه من قبلي شخصيًا ب8000 ألف ريال، وكان يعاني من حساس الموازنة، وتمّ إضافة لها الحساس من قِبل أحد المبرمجين “كندي”، وبعثه لي، حيث تمّ برمجته ولله الحمد. وبيّن أن الروبوتات كثيرة جدًا؛ منها سداسية الأرجل ورباعية الأرجل وثمانية الأرجل، ومنها ما هو شكل إنسان، مضيفًا أن الروبوتات التي يمتلكها بالمنزل هي تعليمية فقط، ولكن في حال وجود محركات قوية يمكن بسهولة أن يقوم بصناعة روبوتات بإمكانها رفع المركبة، ونقلها من مكانها، واستخدامها في مجالات أكبر وأذكى لخدمة المجتمع. وعن قصة الروبوت الظاهر في المقطع المتداول بمواقع التواصل، بيّن أن الروبوت الظاهر المقطع المتداول يسمى “الاكس بود”، وهو الذي أبهر المجتمع السعودي، وأضاف: هو على شكل العنكبوت وقريبًا على شكل النملة؛ كونه ب6 أرجل، وأكد أنه هو من قام بصناعته بالكامل، حيث تمّ الاستعانة بالطابعة الثلاثية الأبعاد، التي امتلكها، بالتصميم والقص ونحوه، بينما تمّ جلب المحركات له من كوريا والبورت من أمريكا، وبلغ إجمالي ما تمّ صرفه عليه ما يقارب 8500 ألف ريال. وردَّ السلماني على كل مَنْ يشكك في أبناء الوطن، حيث أكد أن الكثير لا يثق بالشباب السعودي، الذين بهم الخير، ولله الحمد، وأضاف: الكثير من مجتمعنا به أفضل مني، واعتبرهم أبًا روحيًا لي بمجالي؛ مثل الأستاذ فهد فتني وعبد الله المحمادي، وغيرهم، ولكن للأسف لم يُسلط الضوء عليهم بالشكل الصحيح. وتفاعل وكيل وزارة التعليم للمناهج والبرامج التربوية، الدكتور محمد الحارثي، مع المقطع الذي ظهر به السلماني، وقال في تغريدة بثها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “مجهود رائع.. يسعدني التواصل مع هذا المعلم ومقابلته للاستفادة من خبرته ضمن الإدارة العامة لتقنيات التعليم بوكالة المناهج والبرامج التربوية”. وأضاف: “وجهني معالي وزير التعليم بمقابلة المعلم أ. فهد الحربي، أثناء زيارتي إلى جدة، للاطلاع على تجربته في برمجة وتطوير الروبوت”.