في ذكرى يوم وطننا الشامخ يتحتم أن نقف بوفاء ومحبة صادقة نقرأ أمجاد التأسيس، ونستلهم قصة البناء والتنمية التي استطاعت فيها المملكة العربية السعودية بفضل الله ثم بقيادة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وبتلاحم الشعب مع قيادته أن تواجه مختلف الظروف والتحديات وأن تختصر المراحل على كل المستويات المعيشية والأمنية والاقتصادية والسياسية والتنموية حتى اختطت لنفسها مكانة مستحقة بين دول العالم . وفي هذه الذكرى المجيدة لتأسيس وطننا الذي ننعم فيه بالأمن الوارف والاستقرار والنمو الاقتصادي يحدونا الأمل أن تسود النظرة الإيجابية التي تتفاءل دون إفراط، وتستشرف المستقبل ومعطياته بعمق وبرؤية علمية، وتجعل ذلك أساساً للتخطيط المستقبلي والتنمية المستدامة للمملكة حاضرا ومستقبلا إن شاء الله ، وأن تتكرس الروح التي تنظر إلى الصعوبات والعقبات بوصفها محفزات وتحديات لمزيد من العمل والعطاء، وأن تركز مؤسستنا التعليمية والخدمية على جوانب التطوير الذي يبدأ بالتقييم الذاتي مع الاستفادة من التقييم الموضوعي البناء الذي يعيننا ويعين وطننا بإذن الله على المحافظة على نقاط القوة وتنميتها، وعلى معالجة نواحي القصور والصعوبات بأشكالها وصولا بإذن الله إلى إدراك الأهداف وتحقيق التطلعات ومعالجة الصعوبات والأخطاء التي تكتنف كل عمل بشري. لقد شهدت السنوات الثلاث والثمانون للمملكة بتوفيق الله وفضله منجزات تعليمية واسعة ترجمت سعي المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراه – وأبناؤه من بعده لجعل بناء المواطن وإعداده الركيزة الأولى في بناء الوطن، وليس أقدر ولا أهم من التعليم عاملا للبناء والتكوين . لقد اهتمت المملكة العربية السعودية بالتعليم على امتداد مراحلها المختلفة ، وجعلت منه عامل البناء الأبرز والأول ،وبذلت كل جهودها وسخرت إمكانياتها للسير نحو هذا الهدف فسعت لافتتاح المدارس لتغطي كل أرجاء الوطن، ووصل التعليم إلى مختلف المدن والقرى والمحافظات. ويشهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله اهتماما غير عادي بالتعليم وإعداد الإنسان، ولعل أقرب الشواهد على ذلك حرصه -أيده الله- على أن تكون ميزانية التعليم هي الأعلى بين القطاعات، ودعمه لتطوير التعليم العام من خلال مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام، و كذلك مشروع الملك عبد الله للابتعاث، وما يوليه حفظه الله من اهتمام وعناية كبيرة بالموهوبين والمبدعين من خلال مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، يضاف إلى ذلك ما شهده هذا العهد الزاهر من إنشاء العديد من الجامعات وبناء المدن الجامعية حيث تضاعفت أعداد جامعاتنا أربع مرات، وانتشرت الكليات العلمية في جميع أنحاء الوطن ومحافظاته، ومن الشواهد أيضا تأسيسه لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لتكون بإذن الله أحد أهم صروح المعرفة في العالم بإذن الله؛ إن كل ذلك ليؤكد أن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله يدركون أن التحديات الفعلية التي يمر بها العالم تتعلق بالمعرفة، وأن القوة الحقيقية تتمثل في الإنسان وما يمتلكه من سلاح المعرفة القوي والمؤثر… وفي وزارة التربية والتعليم نؤمن مع قيادتنا أن وجود مؤسسات تعليمية متطورة هو السبيل الأمثل لبناء الإنسان القادر على تحقيق موقعه في هذا العالم؛ لذا فالوزارة ساعية بإذن الله نحو التركيز على الجانب النوعي في التعليم، ونحو صنع واقع تعليمي متطور وقادر على الاستجابة لمتغيرات أدوات العلم والمعرفة ، وهي تدرك أن ذلك يمثل طريقا شاقا، وأن هناك تحديات عديدة، لكن توفيق الله ثم عزيمة أبناء هذا الوطن مع مزيد الدعم المجتمعي وعدم استعجال النتائج، كل ذلك سيذلل الصعاب في سبيل تحقيق الأهداف المرحلية والتطلعات الكبيرة. حفظ الله قادتنا ومجتمعنا، وأدام على الوطن أمنه واستقراره وعزته…