بينما أقود سيارتي في الصباح الباكّر، توقفتُ لأملأ خزان السيارة بالوقود، جاءني عامل المحطة يطلب الحساب، وإذا بالمبلغ المطلوب 60 ريالاً، عندها تذكرت أنني كنت أملأ خزان سيارتي بالوقود في الدول الأوروبية ب10 أضعاف هذا المبلغ، وأدركت على الفور أنني أُعيش في المملكة العربية السعودية، هذا الوطن صاحب الفضل الكبير على المواطنين. تحركت من محطة الوقود، وكانت درجة حرارة الجو شديدة، تتجاوز ال50 درجة مئوية، وإذا ألاحظ إحدى الشاحنات يقودها شخص من الجنسية الآسيوية، وبجانبه يجلس شخص آخر مِن الجنسية نفسها، وإذا بهما في حالة تعب وإرهاق يرثى لها، الشاحنة قديمة ومتواضعة، مكيفها مُعطل، يتساقط منهما العرق فيلتقطه كل منهما ب”فوطة” مبللة، بيد كل منهما. شد انتباهي جملة في مؤخرة الشاحنة، وهي: “أنا أحب نيبال (بلدي)”، فكرت كثيراً وسألت نفسي.. ماذا فعلت لك بلدك كي تحبها أيها الآسيوي؟، بعت الغالي والنفيس لتأتي إلى بلدي تطلب المعيشة.. ماذا فعلت لك بلدك كي تحبها؟.. تركت أغلى ما عندك؛ عائلتك وأبناءك، لتأتي إلى بلدي.. ماذا فعلت لك بلدك كي تحبها؟، أتيت إلى بلادي للعمل ربما لكي يكمل أبناؤك الدراسة أو لعلاج أحد أفراد أسرتك.. فكرت في استيقاف الشاحنة والحديث مع السائق ومرافقه، ربما أجد إجابات على أسئلتي، وقد حدث، سلمت عليهما باللغة الإنجليزية، وسألتهما عما يجول في خاطري.. هل أنتما مسلمان؟، قال السائق: “أنا مسلم وصديقي بوذي!!”.. ثم سألتهما عمن فيهما صاحب عبارة “أنا أحب نيبال (بلدي)” في مؤخرة الشاحنة، فقال السائق: “أنا مسلم وصديقي بوذي، اختلفنا في الديانة، ولكن اتفقنا على حب الوطن”. أيها الآسيوي ما هذا وماذا اسميه؟.. إنتماء أم وطنية أم حب الأرض أم هو الوفاء؟، ماذا أقول لقد فعلاً أخجلتني إجابتك أيها الآسيوي. اتصلت بصديق لي مبتعث في الولاياتالمتحدة، لأحاكيه موقفي، وأطمئن عليه، فنحن من بلد واحد، وذات هوية واحدة ودين واحد، وكيان واحد، ولكن يوجد بيننا اختلاف في المذهب، ربما في الفكر والمعتقدات، ولكن نتفق على أن الوطن هو البيت الكبير، الذي نعيش فوق أرضه، وتحت سمائه، وننعم بخيراته. فشكراً لله، أن جعلنا من أبناء هذا الوطن، وشكراً لأنه سخر لنا ولاة أمر صالحين، نلتف جميعاً حولهم.. الوطن هو الأمان والسند والهوية والعنوان.. ما نعيشه اليوم من أمن في مملكتنا الحبيبة، هو نعمة من الله تستحق الشكر.. اللهم أحفظ لنا الوطن وأحفظ أهلنا وولاة أمرنا، وأجعلنا جميعاً نتفق على حب الوطن.