يقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ، بزيارة إلى المملكة خلال الفترة من 19- 20 من الشهر الجاري. وتعد هذه أول مرة لقائد الصين لزيارة المملكة منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، كما أن المملكة هي الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي يزورها الرئيس "شي" منذ توليه رئاسة الصين الشعبية؛ فهذه الزيارة تتمتع بالأهمية التاريخية. وخلال الزيارة ستتبادل قيادتا البلدين الآراء بشكل عميق حول تطوير العلاقات الثنائية في المستقبل ورفع مستواها، والقضايا الإقليمية والدولية، وسيشهد البلدان توقيع سلسلة من اتفاقيات التعاون المتمثلة في مجالات البناء المشترك في "الحزام والطريق"، والصناعات والقدرات الإنتاجية، وتكنولوجيا الفضاء، والطاقة النووية، والطاقة المتجددة، والعلوم الإنسانية.. إلخ. وأكد الجانب الصيني حرصه على هذه الفرصة للعمل مع السعودية في دفع التعاون على كل الأصعدة، وتعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة والمكاسب المشتركة؛ لنفتح آفاقاً جديداً للعلاقات الصينية السعودية. النفط.. تعاون ضخم ويعد التعاون القائم على المنفعة المتبادلة بين البلدين دافعاً قوياً لتطور علاقاتهما؛ والمملكة أكبر مصدّر نفطي عالمي، وأكبر شريك تجاري للصين على مستوى غربي آسيا وإفريقيا لسنوات طويلة، والصين أهم الأسواق التي تصدر المملكة النفط إليها وأهم شريك تجاري للمملكة. وبلغ حجم التجارة الثنائي بين الصين والمملكة 70 مليار دولار أمريكي تقريباً عام 2014م، وبلغ حجم التجارة الثنائي 47.6 مليار دولار في ال11 شهراً الأولى من عام 2015م. وفي ظل انخفاض الطلب على النفط وهبوط أسعاره، استوردت الصين ما يقرب من 50 مليون طن من النفط الخام من المملكة عام 2014م، واستوردت حوالى 46 مليون طن من النفط الخام من المملكة في ال11 شهراً الأولى من عام 2015م؛ وذلك بزيادة 2% عما في عام 2014م. وحالياً توجد حوالى 160 شركة صينية تشغل في المملكة، وتقدم مساهمات إيجابية لتنمية المملكة اقتصادياً واجتماعياً. وتمرّ الصين والمملكة اليوم بمرحلة تاريخية مهمة للتنمية؛ فالصين من جهتها تسعى إلى الإسراع في تغيير نمط التنمية الاقتصادية، وتأسيس هيكل اقتصادي منفتح، ودفع التعاون الدولي في القدرات الإنتاجية. وأما المملكة فأشار الملك سلمان في خطابه السنوي لمجلس الشورى إلى دفع الإصلاح الاقتصادي وتوطيد وتوسيع ركائز التنمية الاقتصادية، ورفع معدل التوظيف، وجذب الاستثمارات. وتتفق استراتيجيتا التنمية للبلدين؛ حيث إن كلاً منهما ستبدأ الخطة الخمسية الجديدة في هذه السنة؛ فتكمن في ذلك إمكانية التعاون الكبيرة. وتتمحور الزيارة حول البحث عن الفرص المهمة لتطوير العلاقات الصينية مع السعودية. وتعد مبادرة "الحزام والطريق" هي الأخرى فرصة مهمة لتطور العلاقات السعودية- الصينية؛ فطريق الحرير ربط الصين مع السعودية قبل ألفي سنة؛ حيث قاد المسلم الصيني الملاح تشنغخه أسطولاً لزيارة السعودية في أسرة مينغ. وتعمل الصين حالياً على دفع بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين"؛ هادفة إلى السلام والتعاون والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك. وتحتل المملكة نقطة التقاء مهمة في "الحزام والطريق"، وتعد من أهم الشركاء في البناء المشترك لها، ودعمت المبادرة الصينية بحماس؛ حيث أصبحت عضواً مؤسساً في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وفي ظل تعاون 1+2+3 الذي يقوم على اعتماد التعاون الصيني- العربي في مجال الطاقة كركيزة أساسية، والتجارة، وتيسير الاستثمار كجناحين، والطاقة النووية والفضاء ومصادر الطاقة المتجددة كمحطات انطلاق مهمة؛ فإن المملكة تُعَدّ أحد أهم الشركاء بإمكانياتها الضخمة. القضية الفلسطينية: تؤيد الصين بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني في تأسيس دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، كما تعمل على دفع محادثات السلام، والسعي إلى الحل السياسي للقضية السورية، وتلعب دوراً بنّاء في إقرار قرارات مجلس الأمن حول قضية اليمن ودفع التسوية السياسية لها، وتعد الصين طرفاً مهماً من الأطراف المشاركة في الجهود الدولية ضد الإرهابية. وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط؛ فالصين والمملكة ستعملان على مزيد من التواصل والتنسيق؛ بما يساعد على استقرار المنطقة وتنميتها.