من بين أهم إشكاليات الأحداث والفعاليات والبروتوكولات الاقتصادية والسياسية الكبرى، أنها لا تجد استيعابًا وافرًا في الأوساط الشعبية، حيث تقترب أكثر من الأوساط النخبوية، رغم أن كل حراك تلك الأحداث والفعاليات تتركّز أصلًا على متطلبات الشعوب ومصالحها في المقام الأول؛ لهذا يجب أن نعلم بعض الحقائق المهمة المرتبطة بحضور السعودية بين أعضاء أهم قمة سياسية واقتصادية في العالم، تجمع قادة كبار العالم بالفعل، هي قمة مجموعة العشرين. ولعل من أهم الجزئيات التي يجب الإشارة إليها، أن الاقتصاد السعودي كان من أهم العناصر المشاركة في انطلاقة أولى قمم العشرين في واشنطن 2008، حينما كان اقتصاد العالم يترنّح من جراء الأزمة المالية آنذاك؛ بسبب إشكاليات في أسواق المال والائتمان. صدارة في تنفيذ الالتزامات ولعل من بين المؤشرات الإيجابية للحضور السعودي في قمة العشرين، أنها تصدّرت بشكل رسمي وعلمي ترتيب الدول الملتزمة بتنفيذ التزامات مجموعة العشرين، من خلال إجراءات بحثية معتمدة. ففي التقرير الذي أعده فريق من الباحثين تحت إشراف معهد أبحاث المنظمات الدولية التابع للجامعة الوطنية العليا للعلوم الاقتصادية في روسيا، وأيضًا مجموعة أبحاث مجموعة العشرين في جامعة تورنتو الكندية، كان تأكيد تلك الصدارة الاهتمامية للسعودية وجسارة اقتصادها، وكانت محاولة أولية لقياس التقدم المحرز في التزامات مجموعة العشرين السابقة، بما يعطي مؤشرًا لمدى التزام المملكة بتنفيذ الالتزامات التي أقرتها المجموعة في القمم السابقة. ولعل هذا المنطق البحثي الذي وقف إلى جانب الانطلاقة الواعدة والمستمرة للاقتصاد السعودي، تشير إلى أن مكانة السعودية عالميًّا تتنامى بشكل مستمر، وتجد المزيد من الاحترام لقراراتها واهتماماتها، وبالتالي تفرز المزيد من الآثار الإيجابية هنا وهناك. القوة الحقيقية للاقتصاد السعودي وتأثيراته الوضع الاقتصادي القوي الذي تتمتع به المملكة وما حققته من نمو ونهضة اقتصادية على جميع الأصعدة، شجّع جميع دول العالم على الاستفادة من الفرص الاستثمارية الهائلة فيها، لاسيما وأنها حافظت على معدل نمو بلغ ستة في المائة في السنوات العشر الماضية. ويمثل اقتصاد المملكة 25% من اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبلغت موازنة المملكة 228 مليار دولار لعام 2014، على سبيل المثال، بالتزامن مع تأكيد التزامها في تطوير ودعم مختلف المجالات الداخلية في النهضة التنموية الشاملة في المملكة، خاصة في مجال التعليم والصحة والبنية التحتية. ومن بين التزامات السعودية بما تتبناه مجموعة العشرين، أنها ساهمت في صياغة خطة عمل التنمية في الدول النامية، التي تبناها قادة المجموعة في قمة سيئول الكورية في نوفمبر 2010، كما تولت إلى جانب ألمانيا مهمة التنسيق المشترك لركيزة القطاع الخاص وإيجاد فرص العمل، وتم تحقيق نتائج إيجابية من خلال العمل كمنسق لهذه الركيزة المهمة. كما شاركت المملكة في إعادة صياغة خطة عمل التنمية خلال الرئاسة الروسية لمجموعة العشرين، بالتركيز على مجالات تعزيز الأمن الغذائي وتعبئة الموارد المحلية وتعزيز البنية التحتية وتنمية الموارد البشرية وتعزيز الشمول المالي والتحويلات المالية، وساهمت كذلك في تحديث إطار سانت بطرسبرج للتنمية خلال الرئاسة الأسترالية لمجموعة العشرين. وتُعتبر المملكة أيضًا أحد أعضاء اللجنة التوجيهية للأمن الغذائي لمجموعة العشرين (إلى جانب ألمانيا والولايات المتحدة والأرجنتين وإيطاليا). واستمرت المملكة خلال الرئاسة التركية لمجموعة العشرين في صياغة خطة تنفيذ إطار الأمن الغذائي، وكذلك خطة عمل الأمن الغذائي، فقد شاركت كذلك في صياغة إطار شمولية الأعمال لمجموعة العشرين، يمكن الاستفادة منه بشكل طوعي لتعظيم الأثر الإيجابي لقطاع الأعمال على الفئات ذات الدخل المحدود، ويتضمن عددًا من الممارسات الجيدة لشمولية الأعمال. مردود الحضور في مجموعة العشرين مع كل قمة من قمم مجموعة العشرين، تتحرك الأسئلة في أوساط العامة، وأيضًا في أوساط المثقفين وبعض الاقتصاديين، حينما يقال: لماذا نشارك في هذه المجموعة؟ وما الفائدة؟ ولعل من النتائج الإيجابية لعضوية المملكة في هذه المجموعة، توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية؛ ما يعزز التعاون الثنائي مع الدول الرئيسة المهمة في العالم، كما رفعت عضوية المملكة في هذه المجموعة من أهمية توفير مزيد من الشفافية والمعلومات والبيانات المالية والاقتصادية المتعلقة بالمملكة أسوة بدول العالم المتقدم. ومن المتوقع أن تؤدي عضوية المملكة في المجموعة إلى تنسيق وإصلاح بعض السياسات في عدد كبير من المجالات المالية والاقتصادية؛ ما سيدفع إلى مزيد من التطوير للقطاعات المالية والاقتصادية، ويصب في نهاية المطاف في مصلحة المملكة واقتصادها، وتتويجًا لما تملكه المملكة العربية السعودية من إمكانات اقتصادية عالمية أنشأت العديد من المدن الاقتصادية، كما شرعت بإنشاء مشروع مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض على مساحة تبلغ مليون و600 ألف متر مربع، حيث يُعد المركز من أحد المراكز المالية الرئيسية في العالم؛ لوجوده بأحد أكبر اقتصاديات المنطقة، وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط من حيث الحجم والتنظيم والمواصفات التقنية والتجهيز.