خاطر أحد أفراد خفر السواحل الأمريكي بحياته عندما قرر أن يقفز على فتحة غواصة صغيرة شبه مغمورة، متشبثًا بها بقوة بينما تندفع بأقصى سرعة عبر المحيط الهادئ قبالة ساحل كولومبيا. كان يمكن أن يسبب اصطدام الأمواج العنيف فوق السطح المصنوع من الألياف الزجاجية في غرقه، لا سيما وأن الطاقم كان يحدق به خلسة وتعلو شفاههم ابتسامة ساخرة متجاهلين تماما مطالبه بالتوقف، وذلك نظراً لقيمة حمولتهم الثمينة التي يهربون بها. ومع ذلك، لم تسر الأمور وفق ما خططوا له بالضبط، حيث سرعان ما انقلبت الأمور لصالح الأمن الذي أحاط الغواصة من كل اتجاه، فاضطروا إلى رفع أيديهم في استسلام وتسليم حمولتهم التي كانت عبارة عن طن كوكايين بقيمة مذهلة تبلغ 235 مليون دولار مغلفة بالبلاستيك المقاوم للماء. حيلة شيطانية من عصابات المخدرات الأمريكية وفي حين يبدو الأمر وكأنه مشهد سينمائي على غرار أفلام هوليوود، لكن كثيرًا ما يتفوق الواقع على الخيال، فبحسب سلطات إنفاذ القانون ومكافحة المخدرات، تمكنت عصابات المخدرات الأمريكية من ابتكار غواصة مخصصة لنقل حمولات المخدرات الضخمة حول العالم. وقال المسولون إن هذه الحيلة باتت هي الأداة الأكثر فاعلية وبراعة حتى الآن والتي طورها تجار عصابات المخدرات الأمريكية، فقد صُممت، بطبيعة الحال، بشكل سري، معظمها شبه غاطسة حيث أن بضعة أقدام من أجسامها تظل فوق الماء، وتصل تكلفتها إلى ما لا يقل عن مليون دولار، وهو مبلغ يعد ضئيلا مقارنة بما يجنيه أصحابها، لاسيما وأن احتمال كشفها أو رصدها ضئيل للغاية. وبحسب ما أفاد تقرير بريطاني، فإن كل ما تمكن المسؤولون من القبض عليه من المحيط الهادئ إلى أمريكا الوسطى والولايات المتحدة أو عبر البحر الكاريبي والأطلسي إلى شرق إفريقيا وأوروبا هو 39 غواصة فقط لا غير. واحدة من هذه الغواصات كانت تحمل طنين من الكوكايين بقيمة تزيد عن 400 مليون دولار، وقد قامت برحلة ملحمية بطول 6000 ميل عبر الأمازون من كولومبيا، والتي تنتج أكثر من 70% من الكوكايين في العالم، وخرجت عبر البرازيل إلى المحيط الأطلسي، وكان السبب في التقاطها، ليس براعة رجال الشرطة، بل العواصف على طول الساحل الإسباني والتي منعت الكوكايين من الإنزال إلى القوارب السريعة. وهذا ليس بالشيء النادر، بل إنه في الواقع أغلب الحالات التي تتعثر فيها الشرطة بهذه الغواصات تكون من قبيل الصدفة. ابتكار يغير قواعد اللعبة ووصف المسؤولون الدوليون لمكافحة تهريب المخدرات اكتشاف هذا النوع من الغواصات المبتكرة من قِبل عصابات المخدرات الأمريكية بأنها حيلة تغير قواعد اللعبة، حيث يتم الآن استهداف السوق الأوروبية المربحة للمخدرات غير المشروعة من قبل العصابات. وهذه الغواصات قادرة على حمل 1.6 طن من الكوكايين بسرعة ثابتة تبلغ 10 عقدة لآلاف الأميال دون التزود بالوقود، وتُطلى بطلاء رمادي غامق أو أزرق مخضر مما يجعلها غير مرئية تقريبًا للطائرات المراقبة أو السفن كما أنه يجعل من الصعب جدًا التقاطها على الرادار. ويقوم نظام العادم بتوجيه الأبخرة الساخنة الناتجة عن المحركات إلى أسفل في الماء حتى لا تظهر على معدات الكشف الحراري. وطاقم غواصات المخدرات يكونون في الغالب صيادون فقراء ويطلقون عليها توابيت المياه أو القبور ومع ذلك يفضلونها على ما يصفون بالجحيم على الأرض، لاسيما وأن العائد مغري للغاية يصل إلى 15 ألف دولار للرحلة. ومن المستحيل تحديد عدد الذين يموتون في عملهم من بين هؤلاء المهربين لأنها لا تزال ممارسة حديثة العهد على علم المسؤولين ووكالات إنفاذ القانون.