أكد عدد من المشاركين والمشاركات في لقاءات الحوار الوطني العاشر، التي نظمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بعد اختتام المرحلة الأولى والتي عقدت في أربعة مناطق، الحدود الشمالية، الجوف، تبوك، المدينةالمنورة، على أهمية مضمون تلك اللقاءات وأهمية النتائج التي خرجت بها، وأهمية تفعليها خلال المرحلة المقبلة. ودعوا إلى المسارعة في تطبيقها على أرض الواقع لحماية المجتمع من مخاطر التطرف والبناء على النتائج المتحققة في تلك اللقاءات لصياغة مشروع وطني شامل لمواجهة مظاهر التطرف والتشدد، وأن يشارك في صياغته بقية المناطق الأخرى من المملكة، ومؤسسات المجتمع لمواجهة هذه الظاهرة. وأوضح فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، نائب رئيس مجلس الأمناء لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، والأمين العام، أن المركز يجري حالياً دراسة لأبرز الأفكار والرؤى التي طرحها المشاركون والمشاركات في لقاءات الحوار الوطني العاشر، واستثمار تلك النتائج في صياغة استراتيجية وطنية شاملة حول التطرف تشارك في تبنيها وتنفيذها الجهات الأخرى المعنية بهذا الموضوع. وقال "ابن معمر": إن هذه الاستراتيجية سيتم بناؤها على ضوء الأفكار والنتائج التي طرحها المشاركون والمشاركات في تلك اللقاءات وفي اللقاءات القادمة، إضافة إلى ما يتوفر لدى القطاعات الحكومية المختلفة من دراسات وأبحاث في هذا المجال، وذلك في إطار جهود المركز التي يقوم بها لتعزيز المشاركة المجتمعية في صياغة الرؤى الوطنية حيال القضايا المهمة والتي يأتي في مقدمتها القضايا التي تمس اللحمة الوطنية والثوابت الشريعة والوطنية. وأفاد "ابن معمر"، أن اللقاءات السابقة ساهمت بتكوين محصلة جيدة من الأطروحات والأفكار التي تعكس نظرة المجتمع بمختلف مكوناته وأطيافه الفكرية حول قضايا التطرف وآثارها الوحدة الوطنية. كما أكد "ابن معمر" على أن المركز يجري استعداداته حالياً للبدء بالمرحلة الثانية من لقاءات الحوار الوطني العاشر، والتي ستشمل كلاًّ من منطقة، نجران، وعسير، وجازان، والباحة، ومكة المكرمة. وأشار "ابن معمر"، إلى أنه على الرغم من تنوع الأفكار التي طرحت في كل منطقة غير أنه كان هناك شبه اتفاق في جميع المناطق التي شملتها المرحلة الأولى على أهمية مواجهة مظاهر التطرف والتشدد من خلال تعزيز قيم الحوار والوسطية والاعتدال وتعزيز عوامل الوحدة الوطنية في جميع مناطق المملكة. وكانت اللقاءات الأربعة التي شارك فيها نحو (280) مشاركاً ومشاركة من العلماء والدعاة، والمثقفين، والإعلاميين والشباب والمهتمين بقضايا الغلو والتطرف وانعكاساتها على المجتمع، ساهمت في حدوث حراك اجتماعي وثقافي من خلال اللقاءات والندوات المصاحبة لها وتفاعل كبير من المثقفين والمفكرين مع ما تم طرحه حول مشكلة التطرف ومسبباتها وسبل مواجهتها. وقد أكد المشاركون في اللقاء الأول الذي عقد في منطقة الحدود الشمالية على أهمية استيعاب الطاقات الشبابية، وفتح مجالات الترفيه والأنشطة النافعة لملء أوقات الفراغ بما يعود عليهم بالفائدة ويستثمر طاقاتهم ويحقق رغباتهم وطموحاتهم، لمواجهة ظاهرة التطرف وحماية شباب وشابات الوطن من الانجراف وراءها. ودعوا إلى وضع تعريف إجرائي للتطرف فكراً وسلوكيات، وتحرير المصطلحات ذات الصلة بالتطرف والغلو والتكفير والإرهاب وتضمينها في المناهج الدراسية. فيما أكد المشاركون في لقاء منطقة الجوف على أن اللقاء جاء في وقت مهم ومناسب في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة من تنامي لظاهرة الغلو والتشدد، لاستنهاض الهمم والمجتمع بجميع أطيافه ومكوناته لمواجهة هذه الظاهرة وتداعياتها الخطيرة التي أصبحت واضحة للجميع. وبينوا خطورة التطرف على أمن المجتمع ووحدته الوطنية سواء كان فكراً يغذي أم سلوكاً يتبع, وأهمية الشراكة الوطنية على مستوى المؤسسات والأفراد من أهل الرأي والفكر والتربية والدعوة والإعلام للعمل بروح الفريق ضد ما يسهم أو من يدعو لتشظي وإقصاء أي من مكونات المجتمع السعودي وينال من لحمته الوطنية. ودعوا إلى تحديد وتحرير مفاهيم التطرف والتشدد والغلو والإقصاء والإرهاب والجهاد والولاء والبراء وغير ذلك من المفاهيم التي تختلط على الناشئة والشباب لتكون معروفة لدى الجميع ولتسهل مواجهتها والحد من آثارها. وأشاروا إلى أهمية تعزيز مفهوم المواطنة وتكريسه لدى كل المكونات والشرائح العمرية والمجتمعية ليقتنع الجميع أن الوطن مظلة الجميع والمواطنة حق وواجب لكل مواطن ومواطنة، وأهمية إجراء الدراسات المتعمقة عن التطرف وأسبابه وطرق علاجه بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث وإنشاء كراسي علمية لدراسة التطرف بجميع أشكاله وصوره, والعوامل النفسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تقود إليه. وأشاروا إلى أهمية ترجمة كل ما يخرج من هذه اللقاءات من أفكار وتوصيات من المشاركين والمشاركات إلى برامج عمل وآليات تنفيذية تتم من خلال الوزارات والمصالح الحكومية المعنية بتنفيذها. كما أكد عدد من المشاركين في لقاء منطقة تبوك على أهمية الدعوة إلى تأسيس مرصد وطني يقوم على رصد القضايا الوطنية في جميع المناطق وما يرتبط بها من مشكلات وتحديات، بحيث يتمكن أبناء الوطن من التواصل مع المرصد لتسجيل ما يعتقدونه ويعايشونه من تلك القضايا والمشكلات والهموم الوطنية، بما يمكن مؤسسات المجتمع ذات العلاقة من التفاعل المستمر مع تلك القضايا والبحث في سبيل علاجها ومواجهتها. ودعوا إلى إيجاد آليات فاعله لمتابعة وتوجيه ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قضايا اجتماعية ووطنية, بهدف التبصير والتوعية بما يمكّن الشباب على وجه الخصوص من الوعي بالقضايا الواقعية التي تبعدهم عن الوقوع في فخاخ التطرف والتشدد. وفي اللقاء الرابع الذي عقد في المدينةالمنورة شدّد المشاركون والمشاركات في اللقاء على أهمية دور كبار العلماء والدعاة والأئمة والخطباء في مواجهة الفكر المتطرف من خلال التبصير بموضوع التطرف بوصفه فكراً مجافياً للوسطية ينطوي على كره الغير كراهية تؤدي إلى انتهاك الضرورات الخمس التي شدّد الإسلام على صونها ممثلة في الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ووجهوا دعواتهم للمؤسسات الشرعية والاجتماعية والثقافية لتوضيح مفهوم التطرف بالتأكيد على أن التطرف كمفهوم إنما يكون عندما يلجأ أصحاب الآراء المتشددة إلى حمل الآخرين على الاعتقاد بآرائهم المتشددة وإلزامهم على العمل بمقتضاها.