في عهود ماضية كانت الحياة بدائية نوعًا ما، وذات أدوات وإمكانيات بسيطة جدًّا، إلى ذلك الحد الذي يأمن معه الإنسان جانب الحوادث من حرائق أو تصادمات أو نحو ذلك، لكن حينما نمت الحياة وأخذ الإنسان يبتكر ويكتشف ونشأ تبعًا لذلك نمط حياة جديد كليًّا مليء بالوسائل الجديدة والرفاهية مثل الكهرباء ووسائل المواصلات والآلات والصناعات؛ كان لزامًا على الإنسان أن يؤسس أنظمة بشرية وتقنية باستطاعتها مواجهة الكوارث والحالات الطارئة التي يمكن أن تنشأ عن هذا التطور. في مثل هذا اليوم 1 مارس من كل عام يحتفل العالم بجهود أجهزة الدفاع المدني في مواجهة الكوارث البشرية والطبيعية، حيث يتم تدشين الفعاليات المختلفة لأجل تقديم الشكر لمنتسبي هذه الهيئات والأجهزة؛ لما يقدمونه من جهود دؤوبة تهدف للحفاظ على الإنسان وحمايته من الأخطار المحيطة به من كل جانب. إنها لمهمة جليلة أن تتركز وظيفتك وحياتك على مساعدة الناس وإنقاذهم من شر ما يلاقونه من أهوال، إن أموال الدنيا لا تعادل لحظة خطر يُعرّض لها أحدهم نفسه فقط من أجل إنقاذ شخص آخر، لذلك ليس لأي مكافآت مالية أن توفي هؤلاء الأفراد حقهم. إن جهود الدفاع المدني ملموسة حولنا في كل مكان، وليس تفضلًا أن نُذكّر بمجهوداتهم؛ فهم يستحقون مثل هذا وزيادة، ومن الضروري أن يعرف الجميع أن مجهودات الدفاع المدني لا تتوقف عند مجرد التصدي للكوارث ومعالجة الأوضاع الطارئة، بل يشمل قبل كل هذا حملات مكثفة للتوعية تهدف لرفع الوعي المجتمعي ضد مسببات الكوارث، وذلك كنوع من أنواع الوقاية المسبقة، كما تشمل مجهودات الدفاع المدني أيضًا إدارة الأزمات وكيفية التصرف حيالها بروية وبخطط محكمة ومضمونة النجاح. إن تقدير جهود الدفاع المدني وشكره على ما يقدمه من مجهودات لا يجب أن يتوقف لدى الكلمات، بل إن الشكر الحقيقي لهم يكون بتكامل دور المجتمع مع ما يقدمونه، وذلك من خلال مساعدتهم على القيام بدورهم وتوفير الأجواء المناسبة لذلك، مثلًا عبر إفساح الطرقات للسيارات الخاصة بهم، والحرص على تيسير وصولها لأماكن الأزمات بسرعة، ذلك أن الوقت في منظوماتهم عامل مهم جدًّا من عوامل النجاح. كذلك على المواطنين الحرص على الاتصال بهم سريعًا ودون إبطاء؛ وذلك إذا ما تعرضوا لأي مشكلة لا يستطيعون السيطرة عليها لا قدر الله، أو عند رؤيتهم لأي أمر يستوجب المساعدة والإنقاذ، من ناحية أخرى يجب الخضوع لتعليمات رجال الدفاع المدني في أماكن الحوادث والأزمات، فهم أقرب للتقدير الصحيح للمواقف، وتوجيهاتهم تصب حتمًا في صالح السيطرة على الأزمة ومنع تفاقمها. إن نجاح جهود الدفاع المدني مرهون دائمًا بتجاوب وتعاون أفراد المجتمع، ليس خلال الأزمات فحسب، وإنما كذلك فيما يخص التوعية وتجنب مسببات الكوارث المختلفة، والحرص على أن يبني الإنسان لذاته ثقافة حياتية آمنة، تقيه وتقي من حوله من أي ضرر بإذن الله تعالى.