من بين أهم ما أفرزته “قمة القدس”، أو قمة الظهران آخر القمم العربية العادية التي استضافتها السعودية، تحرير وثيقة لتعزيز الأمن القومي لمواجهة التحديات العربية المشتركة. لهذا يبدو جليًّا أن القيادة السعودية، من خلال حضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شخصيًّا بثقله السياسي والإستراتيجي ومع تأثيرات الجهود الدبلوماسية الدولية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان عبر جولاته المكوكية شرقًا وغربًا وفي المحيطين الخليجي والعربي، تهتم باستمرار محاولات تعزيز التضامن العربي، وفقًا لما خرجت به قرارات وتوصيات القمة ال29 السابقة في الظهران، أملًا في تحقيق نجاح مستمر عبر القمة الحالية (ال30) في تونس، وبحثًا عن كيفية مواجهة الأخطار المختلفة التي تحدق بالأمة العربية، خصوصًا مع إصرار معسكر “الشرذمة الإرهابية الصغيرة” في المنطقة على استمرار عمليات وتدخلاتها في شؤون الكثير من الدول العربية، بإيعاز مرير من “نظام الملالي” الإيراني و”تنظيم الحمدين” القطري. أهمية “وثيقة الأمن القومي”: وفقًا لميثاق الجامعة العربية وميثاق الأممالمتحدة، كانت وثيقة تعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة في القمة الأخيرة، من أجل رؤية مشتركة تخدم المصالح العليا وتحقق الأمن والاستقرار. وأكدت الوثيقة على اليقظة إزاء الأخطار المحدّقة بالأمة العربية، من جرّاء الأطماع والتهديدات الإقليمية التي تحتل وتستبيح أراضي الدول العربية، وتستهدف عواصمها وثغورها، ونسيج المجتمع العربي، وهويته الوطنية، ومصادر حياة شعوبها، والعمل على التصدي بحزم للتهديدات والتدخلات الإقليمية في الشؤون العربية. كما طالبت الوثيقة بالعمل على تسريع وتيرة آليات العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتنفيذ الإستراتيجيات العربية في تلك المجالات، بما يفضي إلى تحقيق التنمية المستدامة في مختلف ربوع الوطن العربي. تثمين مواقف السعودية لتعزيز التضامن: من خلال مؤتمر البرلمان العربي الأخير في القاهرة (8 فبراير 2019)، ثمّن المؤتمرون مواقف القيادة السعودية في دعم وتعزيز التضامن العربي. وتم رصد مجموعة من الإجراءات والمبادرات العربية لتعزيز التضامن العربي، من أبرزها دعم القضية الفلسطينية، من خلال مبادرة خادم الحرمين الشريفين بتسمية قمة الظهران ب”قمة القدس” تتويجًا لجهود المملكة في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني باستمرار، والمبادرة الميدانية لنصرة الشعب اليمني بتكوين التحالف العربي لدعم الشرعية واستعادة مؤسسات الدولة من انقلاب الحوثيين، إلى جانب جهود المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإريتريا من جانب وبين جيبوتي وإريتريا من جانب آخر، في إطار حفظ الأمن والسلم في البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي، إلى جانب إطلاق مشروع “نيوم” مع مصر والأردن، دعمًا للتكامل الاقتصادي العربي في إطار تعزيز الأمن القومي العربي. أول الحرص السعودي.. التضامن: وبعد مرور نحو شهر ونصف الشهر من بدء حكم الملك سلمان، وجّه كلمة مهمة للشعب السعودي وللعالم، في قصر اليمامة بتاريخ 10 مارس 2015، أكد فيها أن بلاده “سائرة لتحقيق التضامن العربي والإسلامي، بتنقية الأجواء وتوحيد الصفوف، لمواجهة المخاطر والتحديات المحدّقة بهما”. وقال حينذاك: “إن سياسة المملكة الخارجية ملتزمة على الدوام بتعاليم ديننا الحنيف الداعية للمحبة والسلام، وفقًا لجملة من المبادئ أهمها استمرار المملكة في الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية، بما في ذلك احترام مبدأ السيادة، ورفض أي محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية، والدفاع المتواصل عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية بشتى الوسائل”. وأضاف جزئية مهمة، حين قال: “نحن جزء من هذا العالم، نعيش مشاكله والتحديات التي تواجهه ونشترك جميعًا في هذه المسؤولية، وسنسهم بإذن الله بفاعلية في وضع الحلول للكثير من قضايا العالم الملحة، وسنستمر في العمل على ذلك مع المنظمات والمؤسسات الدولية والشركاء الدوليين”.