تكتسي منطقة الجوف خلال هذه المدة ألوان الربيع الخلابة في موسم ربيعي استثنائي لم تشهده المنطقة من قبل، ويظهر ربيع الشمال لهذا العام في حلة غير مسبوقة تتلون بين الأخضر والأصفر والبنفسج والأبيض والأحمر على جبال الشمال وسهولها ورمالها حتى غيرت ملامح الشمال وزادته جمالاً . وكان موسم أمطار هذا العام غزيرًا في خيراته، وشمل برحمة الله معظم أجزاء مناطق الشمال، وبدأ ربيع هذا العام مبكراً قبل نهاية فصل الشتاء وجاء بحلة جديدة حيث كثر العشب وتنوعت ألوانه، وظهرت أعشاب لم تنبت منذ سنين على مساحات هائلة تفوق مد النظر لتكتسي الأرض بألوان الربيع المتعددة، وظهرت الزهور بمسمياتها المختلفة منها : الأقحوان , الجهق , الهرم , الخزامى , النفل , النقد , اليعضد , الربحلا , البساس , الكيسوم " وظهور كميات كبيرة من الفقع بأنواعه واحجامه الكبيرة. ورفع هذا الموسم الاستثنائي معدل التنزه بشكل ملاحظ ليجعل منطقة الجوف وجهة الكثير من متتبعي الأجواء الربيعية من مختلف مناطق المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، وأصحاب الأغنام والإبل الذين أتوا بماشيتهم لتكلأ من نباتات الطبيعة التي غطت معظم أجزاء الأرض، فليس أجمل من التأمل في روعة النبت والزهر والاستماع لصوت العصافير المغردة، إذ ينتابك لحظات تأمل وتدبر لا يمكن وصفها، فالربيع ولادة جديدة لأرض قاحلة، والربيع اعتلى الأرض حتى ازدان بها وازدانت به، وتحولت من حالة جفاف وتصحر إلى مسطحات خضراء بفعل النباتات المنتشرة بشكل كثيف فاتن وساحر. فجمال الطبيعة لا ينتظر إجازة نهاية الأسبوع، ليفد آلاف المسافرين من مناطق متنوعة لمنطقة الجوف للاستمتاع بالربيع، وتحولت البراري لمدن صغيرة تعج بالسكان في مخيمات متعددة وضعها أهالي الشمال للتنزه والاستمتاع بالربيع , في لوحات طبيعية عرفت عن أهالي الجوف منذ زمن بعيد، ليعيد الربيع حياة رحلت منذ سنوات وأصبح الناس اليوم يتجاورون في البر بمنازل لا تبعد عن بعضها البعض لكثرة المتنزهين والتخييم . كما شهد ربيع منطقة الجوف موسم " الفقع" نبات الكمأة بشكل كبير ومختلف , ليخرج محبيها في رحلات البحث عن الكمأة ، ويرى المهتمون أن أفضل أوقات البحث عن الفقع أخر النهار حيث أنه يبرز عن الأرض فتجد الباحثين في مساحات كثيرة وكبيرة يتفحصون البر ويبحثون عن "الفقع" , يستدلون عليه بنبات "الرقوق" ، ويتنافسون في جمع أكبر كميات من الفقع , ويزدهر سوق الفقع في المنطقة في أسعار لم يصل لها سابقاً حيث تتراوح سعر الكيلو ما بين 35 إلى 50 ريالًا في حين كان يباع ما بين 80 إلى 100 ريال في وقت سابق نظراً لوفرة المعروض . ولوفرة الربيع في منطقة الجوف عجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الربيع ومقاطع الفيديو في تنافس محموم ليبرزوا هذا الجمال أكثر , حرك عدسات المصورين والمتنزهين , وفاضت قرائح الشعراء والمنشدين , يتغزلون في ربيع الشمال , ويظهر عدد كبير من التغريدات على موقع تويتر وكذلك على سناب شات لمواقع الربيع , وتخصص عدد من المهتمين بزيارة المواقع ونقلها للمتنزهين بشكل يومي , يحظون بمشاهدات كبيرة من المتابعين الذين يبحثون عن مواقع الجمال لزيارتها والاستمتاع بها . ويُعد موسم الربيع فرصة اقتصادية لأبناء البادية حيث يرتفع أسعار المواشي نظراً لعدم الرغبة ببيعها لتوفر العشب والأعلاف في ظل الطلب الكبير الذي يواجه عدم البيع, كما أشعل موسم الربيع الطلب على الخيام ومحلات مستلزمات الرحلات حتى كادت تنتهي من المتاجر لكثرة الطلب. والتقت "واس" عددًا من المتنزهين الذين سجلوا إعجابهم بما شاهدوا على أرض الواقع بعد أن نقلت لهم مواقع التواصل الصور لتبدأ رحلتهم الى منطقة الجوف ، وقال المتنزه من تبوك إبراهيم صالح: لم اكن أصدق أن أرى مثل هذه المناظر التي اعتدنا ان نراها في دول أوروبا ، فقد انبهرت لجمال الطبيعة الذي كسا معظم براري المنطقة بألوان الطبيعة المتعددة التي تفوح منها رائحة عطرية تنعش الجو. وقال المتنزه صالح الهادي من القصيم : لقد أتيت إلى الجوف لتمتع بأجواء الربيع التي علمت بها من خلال ما يتبادله الناس من صور جميلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لذا قررت شد الرحال إليها لقضاء أجمل الأوقات فيها ، وجمع الفقع الذي اشتهرت به المنطقة، بينما قرّر المواطن عبدالله العلي من الرياض قضاء إجازة نهاية الأسبوع في سهول الجوف المكسوة بالنباتات البرية، والاستئناس بهواء الطلق. يذكر أن عددًا من الإدارات الحكومية والتطوعية بمنطقة الجوف تشارك المتنزهين فرحة عيش هذه الأجواء لتقدم خدماتها كأمانة المنطقة التي قامت بتوزيع الحاويات لجمع المخلفات بعد قضاء المتنزهين رحلتهم ، كما تشارك القوات الخاصة لأمن الطرق متابعة سير الطرقات التي ازدحمت لتجنب الحوادث لا سمح الله والحد من السرعة ، كما أطلقت المديرية العامة للدفاع المدني التنبيهات الخاصة لتجنب الوقوع في المستنقعات المائية والبعد عن الشعاب التي تكونت جراء نزول كميات كبيرة من الامطار إضافة الى مشاركتها إنقاذ العالقين بالأودية والشعاب والتنبيه المتكرر لحالة الأجواء ، وتشارك فرق الإنقاذ التطوعية بالمنطقة كفريق عون وعين على الصحراء بالبحث عن المفقودين والتائهين في الصحاري.