في الوقت الذي تسربت به ملامح خطة المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث، بهدف الخروج بحل سياسي في اليمن، والقاضية بوقف إطلاق النار ووقف إطلاق الصورايخ الباليستية وتشكيل حكومة شراكة انتقالية من كل الأطراف، بما فيها الحوثيين، نجد أن الميليشيا المدعومة من إيران مستمرة في مسلسلهم الدامي والناري على المدنيين والأطفال، على الرغم من تآكل النفوذ الجغرافي للميليشيات الحوثية الإيرانية. ولم يتعظ المبعوث الأممي من سابقيه بسوء الانقلابيين ورفضهم الحقيقي للخروج من الأزمة اليمنية بسلام وبأقل الأضرار. وبالنظر إلى محافظة تعز كنموذج لما يعيشه اليمنيون، نجد أن الحوثي انتهك 77 حقًّا من حقوق الإنسان في اليمن خلال شهر مايو المنصرم فقط، وثقها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان. وبحسب وثائق اطلعت عليها “المواطن“، بلغ عدد القتلى من المدنيين 27 قتيلًا بينهم 4 نساء وطفلان، قتل منهم 18 مدنيًّا في اشتباكات لفصائل في الجيش الحكومي والمقاومة، وقتل مدنيان اثنان برصاص قناص تابع لميليشيا الحوثي، واثنان جراء انفجار لغم زرعته الميليشيا، فيما قتلت مجاميع مسلحة مجهولة 5 مدنيين آخرين. كما أصيب 20 مدنيًّا بينهم امرأة و13 طفلًا وأصيب 11 مدنيًّا منهم جراء قذائف الهاون والهاوزر وغيرها التي تلقيها ميليشيا الحوثي على عدد من الأحياء السكنية معظمهم من الأطفال. وأصيب أيضًا 3 مدنيين آخرين جراء انفجار الألغام التي تزرعها ميليشيات الحوثي في المناطق والطرقات والأحياء السكنية، وأصيب 4 مدنيين برصاص مسلحي المقاومة والجيش فيما أصيب مدنيان برصاص مجهولين. ولم يتوقف مسلسل الإجرام الحوثي إلى هذا الحد، إذ اختطفت ميليشيات الحوثي 5 جنود وجدوا لاحقًا مقتولين، إلى جانب قيامها بانتهاكات للممتلكات العامة لحقت خمسة مبانٍ، ولحقت بضرر جزئي لثلاثة منها نتيجة قصف الميليشيات بالقذائف، وتم نهب طقم عسكري تابع للشرطة العسكرية بعد الاعتداء على الأفراد ونهب أسلحتهم من قبل مسلحين تابعين لفصائل في الجيش والمقاومة. ونهبت الميليشيا مبنى مولد كهرباء الضبوعة وتخريب كل غرف التحكم والأجهزة من قبل مسلحين يتبعون فصائل في الجيش الحكومي والمقاومة. ورصد الفريق الميداني حدوث 20 حالة انتهاك لممتلكات خاصة، حيث تضررت 8 منازل بشكل كلي و11 منزلًا بشكل جزئي نتيجة القصف من قبل الميليشيات، وتم رصد حالة نهب مبلغ 14 مليون ريال من مندوب لشركة خاصة من قبل مسلحين يتبعون فصائل في الجيش والمقاومة. ومن المستغرب مغادرة أهم 3 منظمات دولية للمحافظة وهي “مرسي كور” المنظمة التي قدمت الإغاثة الغذائية والمياه للسكان، طوال عامين للعديد من الأسر من سكان المدينة، و”الصليب الأحمر الدولي” الذي يقدم إغاثة غذائية وطبية للسكان، والذي انسحب عقب مقتل “حنا لحود” الموظف الدولي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر والذي اغتيل غرب تعز، إلى جانب منظمة “أطباء بلا حدود” التي كانت تدعم الجانب الصحي والمستشفيات، وتدفع رواتب عدد من موظفي المستشفيات الذين يعملون معها. وعملت هذه المنظمات بتعز في ظروف أسوأ بعشرات المرات من هذا الوضع الذي تعيشه المحافظة هذه الأيام، والتي تحججت به للمغادرة بسبب تدهور الوضع الأمني، إذ عملت هذه المنظمات فيما كانت المدينة بدون محافظ وبدون أطقم أمنية وشرطة عسكرية، ومع ذلك عملت وقدمت دورًا مهمًّا في إغاثة المواطنين وإنقاذ حياتهم، وخرجت الآن لتشكل حالة فراغ كبير وتترك فجوة هامة في احتياجات المواطنين المعيشية والصحية. ويعد هذا الوضع نموذج لما يعيشه المواطن اليمني في المدن المحافظات التي تحت سيطرت الحوثيين، وتتم كلها أمام مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي لا زال يصر معاملة الحوثي ككيان سياسي!! ويرى المبعوث الأممي حول موافقة ميليشيات الحوثي الإيرانية أو رفضها لخطته، أن هذا شأن يعود إلى الانقلابيين، فإما أن توافق وإما أن يبقى القتال هو سيد الموقف! وفي ذات الوقت تقر الحكومة الشرعية بأن الخيار العسكري لحسم المعركة وإنهاء الانقلاب الحوثي بالقوة هو الحل القائم مع أدوات طهران التي ترفض السلم أو السياسة أمام تنفيذ مخططها الإقليمي الصفوي، ولاستعادة الدولة سيكون الحل العسكري هو الحل الوحيد والمتاح، إذا رفضت الجماعة الانصياع لقرار المجتمع الدولي والحرص على السلام بما يؤدي إلى تنفيذ القرار 2216. والمتتبع للأزمة اليمنية منذ بدايتها يقر بإجهاض هذه المحاولات الخجولة من الأممالمتحدة، خاصة وأن قرار الميليشيات بيد طهران التي تملك مسألة استغلال الجماعة الطائفية الموالية لها من أجل تنفيذ أجندتها في المنطقة وتهديد السلام والملاحة في البحر الأحمر. وإلى جانب التصعيد المستمر من قبل الانقلابيين لقتل المدنيين والأبرياء، وفي محاولة الاستقواء بالسلاح واستغلال الهدن السابقة لإعادة ترتيب أوضاع مقاتليها ومحاولة السيطرة على مزيد من الأرض.