بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، استضافت الهيئة في لقائها السنوي الذي عقدته اليوم الأحد في قصر الثقافة بالرياض وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عواد بن صالح العواد، بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي ضيوف الملتقى والمكرمين وأعضاء مجلس إدارة الهيئة. وعبر رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال كلمته الترحيبية والتقديمية لضيف اللقاء عن ترحيبه بوزير الثقافة والإعلام ضيفًا على الهيئة، وتقديره لمشاركته في لقائها السنوي، مشيدًا بالشراكة المميزة والفاعلة بين الهيئة ووزارة الثقافة والإعلام. وأضاف: "وجدنا أن الدكتور عواد العواد هو الشخص المناسب في هذا اللقاء السنوي لهذا العام؛ لأننا نجد منه من التعاون والانطلاق ومن التحفيز ما نطمح إليه ونتمناه، وسيدي خادم الحرمين الشريفين عُرف بأنه رجل إعلامي من الطراز الأول ومتابع دقيق جدًّا لكل قضايا الإعلام فلذلك اختار الشخص الذي يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه، ونحن الآن سوف نعمل مع وزارة الثقافة والإعلام وننطلق انطلاقة جديدة من التعاون البناء في هذا العام مع الوزارة كشريك وكعضو مجلس إدارة في الهيئة". وأكد أن الهيئة أسست منصة كاملة لصناعة اقتصادية جديدة، بعد أن اشتغلت بمراحل مهمة للتأسيس لم تكن واضحة لدى المواطنين، وهذا ما تعلمناه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي كان دائمًا ما يؤكد عن التأسيس الذي لا يراه الناس، مشيرًا إلى أن الهيئة تمكنت خلال هذه الفترة من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي، وبنت قطاعًا اقتصاديًّا ومرت بمراحل طويلة من التحديات التي ذكرت في كتاب (الخيال الممكن) الذي يمثل مرجعًا مهمًّا لإنجازات الهيئة وتجاربها الإدارية وتأسيس بنيته النظامية والتشريعية، وإطلاق المشاريع والمبادرات والقرارات المتعلقة به. ولفت إلى أن أهم درس من دروس هذا الكتاب هو كيف تركز على المهمة الوطنية وتؤمن بها وتحاول قدر ما تستطيع ولا تيأس في أنك تجعلها تتحقق. وأعلن سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن إطلاق مشروع بالتضامن مع وزارة الثقافة والإعلام عبارة عن منصة للإنتاج الإعلامي تستهدف تحفيز المبدعين من أبناء الوطن لتعظيم المحتوى الإيجابي وإثراء الأفلام والبرامج عن التراث الوطني والتنوع السياحي وأسلوب الحياة المميز في المملكة القائم على الأصالة والتنوع في المناطق بالثقافات مع الالتزام بالثوابت والقيم، وإطلاق قناة تلفزيونية بشراكة كاملة مع وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون وعدة شركاء آخرين لبث هذا المحتوى باسم "عيش السعودية" وتوفير المحتوى على منصات المشاهدة حسب الطلب وحسابات التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار. وأضاف "أن المنصة الإعلامية الجديدة التي سوف تنطلق من هذا اليوم بالشكل التجريبي لتستفيد من التدفقات الهائلة للمواطنين والطلبة عبر برامج عيش السعودية والمسارات السياحية وغيرها، تركز على البث المباشر الحي، من مواقع المملكة وتلاقي المواطنين مع بلادهم بشكل جديد، وتغطية جميع الفعاليات على جميع أنواعها سواء للهيئة أو غيرها". وأعرب عن تقديره لكل من عمل في الهيئة وساند برامجها وأعمالها، إلى جانب شركاء الهيئة كافة من المؤسسات الحكومية والأهلية الذين عملوا مع الهيئة في النهوض بقطاع السياحة، والارتقاء بهذه الصناعة الاقتصادية المهمة. وقال: "نحن الآن ندير منظومة ضخمة من المشاريع ضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني الذي وجد الهيئة جاهزة بمبادراتها ومشاريعها، وكل ما طلب منها جاهز ومبرمج، وهذا كان بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل الاستثمار في منسوبي الهيئة، والاستثمار في شركائنا الذين اعتبرناهم جزءًا لا يتجزأ من الهيئة، حيث استثمرنا فيهم بالرحلات الدولية والتدريب وبكل ما يحتاج الأمر حتى لا نعمل لوحدنا ونغرد منفردين". وتابع: "المواطن الآن يريد السياحة في وطنه ويريد أن يكون وطنه هو الخيار الأول، وأنا أكرر ما قلته قبل عشر سنوات بأن المملكة العربية السعودية سوف تصبح الخيار الأول للمواطن سياحيًّا، وهذا يجب أن يحسب عليّ وأحاسب عليه في المستقبل". وأشار إلى أن منظومة المشاريع السياحية والتراثية والمتحفية التي تتبناها الهيئة ستزيد من التدفقات السياحية وحجم الاستثمار السياحي. وأضاف: "الدولة الآن ركزت على الاستثمار في القطاع السياحي، ونحن نعمل مع صندوق الاستثمارات العامة لاستعجال تأسيس شركة الاستثمار والتنمية السياحية، وهيئة السياحة والتراث الوطني تعمل حاليًّا على أكثر من 32 متحفًا وتستقطب عشرات إن لم يكن مئات من الإخوة والأخوات الذين سينقلون المتاحف من مخازن آثار إلى أماكن متعة وفرح وتعلم، لم يسبق أن رأيناها في المملكة من قبل، ونتكلم أيضًا عن الوجهات السياحية التي نتطلع إلى الإعلان قريبًا عنها في شرق المملكة وغربها، كما يحدث الآن مدينة سوق عكاظ التي مولتها الدولة بأكثر من 680 مليون ريال وأعلنا عنها العام الماضي، كما أن هناك منظومة الفعاليات التي بدأتها الهيئة وشركائها وتجاوزت 600 فعالية، وأصبح هناك قطاع ناضج ومنظمو فعاليات مرخصون، كما أن قطاع المعارض تطور بشكل كبير عبر برنامج المعارض والمؤتمرات، وستصبح المملكة أكبر دولة في المنطقة جاذبة للمعارض والمؤتمرات". وقال: أقررنا أفقًا جديدًا في التعاون مع مؤسسات الدولة التي ترى أن السياحة والتراث الوطني مستقبل التنمية، ومنها هيئة الرياضة ووزارة الزراعة وغيرها. وأكد أنه إذا انفصل الإنسان عن المكان لا تقوم للأمم قائمة، والأوائل أوصلوا لنا التراث، وهيئوا لنا ما ننعم به في هذه الدولة من استقرار ونماء. وخلال اللقاء، تناول وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد، عدة موضوعات تربط بين وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، مؤكدًا أهمية قطاعي السياحة والثقافة بوصفهما أحد روافد الاستثمار بالمملكة وأهمية دور الإعلام في إبراز تلك القطاعات التي تحظى بعناية كريمة ودعم متواصل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فهما حريصان كل الحرص على دعم قطاعات الدولة فيما يخدم الوطن والمواطنين وينهض ببلادنا في شتى الميادين. وأكد الوزير العواد على أهمية الشراكة بين وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لتحقيق الأهداف المشتركة ضمن رؤية المملكة 2030. موضحًا دور السياحة كأحد روافد الدول الثقافية والاقتصادية. وأثنى الدكتور العواد على جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في جعل السياحة من أوائل القطاعات التي أسست وأسهمت في مفهوم الشراكات. وقال الوزير: كنا نواجه صعوبات قبل عدة سنوات بسبب قلة وجود الفنادق والأماكن المجهزة للسياحة الداخلية، لكن حاليًّا جهود الهيئة واضحة للعيان وأصبح لدينا العديد من الفنادق والشقق المفروشة المتميزة وقاعات المؤتمرات عالية التجهيز، أيضًا تم تسجيل العديد من المواقع الأثرية واسترجاع أكثر من 50 ألف قطعة أثرية مما يحسب للهيئة بقيادة رئيسها الذي يبذل جهودًا في إبراز ما تزخر به بلادنا من مميزات جغرافية وتاريخية وطبيعية وثروات أصيلة في مختلف المجالات. ثم تطرق الدكتور عواد العواد إلى الصورة النمطية للمملكة في الخارج، مبينًا استثمار أهم روافد إبراز صورة المملكة في الخارج وهو القوة الناعمة القائمة على الثقافة والفنون وتقديم التراث السعودي في المأكولات والملبوسات والعروض الشعبية. كما كشف الدكتور العواد عن تأسيس "مركز التواصل الدولي" كأحد أهم مرتكزات التعامل بمهنية مع الإعلام العالمي، بحيث يروي قصة المملكة السعوديون أنفسهم وليس غيرهم، ويعد هذا المركز بمثابة همزة وصل سعودية مع الوسائل الإعلامية الدولية. وأوضح الوزير أن هدف "مركز التواصل الدولي" هو التواجد بشكل دائم وفاعل مع أهم وسائل الإعلام الإقليمية والدولية والتعرف عليهم وإتاحة الفرصة لهم للتعرف عن قرب على المملكة، كما يعمل المركز على الإعداد الصحافي الدقيق عن طريق نشر البيانات من مصادرها ونشر الأخبار في وقتها بدقة وموضوعية، وكذلك يقوم المركز بتحليل المحتوى الإعلامي لكل ما ينشر عن المملكة. وأضاف الوزير العواد أن هناك مجموعة من الخبراء المتخصصين في الإعلام يعملون على مدار الساعة على صياغة القصص وكيفية الرد على الأخبار التي تنشر عن المملكة. وأشار إلى أن المركز يعمل على تعزيز صورة المملكة من خلال نقل الواقع الحضاري والتنموي والتطويري في شتى المجالات في إطار تنفيذ رؤية المملكة 2030، لوسائل الإعلام الخارجية، بحيث يكون رافدًا أساسيًّا للمعلومات الدقيقة والصحيحة لوسائل الإعلام الأجنبية والصحافيين الأجانب. وتطمح وزارة الثقافة والإعلام من خلال المركز- حسب الوزير العواد- إلى مساعدة وسائل الإعلام العالمية على فهم المنظور الثقافي والاجتماعي والسياسي للمملكة، لتغطية أخبار المملكة بأعلى درجات الشفافية، إضافة إلى التصدي إلى الحملات الإعلامية الهادفة إلى تشويه صورة المملكة بالمعلومات المغلوطة وغير الصحيحة. وذكر وزير الثقافة والإعلام أن هناك مجموعة في الإعلام العالمي يسيئون للمملكة ليس جهلًا بل قصدًا، وهؤلاء لا يتجاوزون نسبة 30% أما الأغلبية ممن يمثلون نسبة ال70%، فهم يبحثون عن أخبار إيجابية، وهؤلاء نهتم بهم ونحرص على استقطابهم والتعاون معهم وتقديم المحتوى المطلوب لهم. وعرج الوزير العواد إلى الحديث عن الثقافة موضحًا ارتباطها الوثيق بالسياحة والتراث الوطني، وذكر أن الثقافة سابقًا كانت تركز على جوانب محددة تكاد تكون مقصورة على مجال الأدب في الشعر والنثر، والحمد لله أن بلدنا متميز في هذا المجال وقد حصدت المملكة أعلى نسبة من جوائز البوكر في الرواية. وأوضح الوزير أنه يجب ألاّ نغفل عن جوانب ثقافية أخرى مهمة مثل الفنون بشتى أنواعها مثل صناعة الأفلام والمسرح والفنون البصرية والفنون الأدائية والشعبية وجوانب الفلكلور والتراث غير المادي وغيرها. وصرح الوزير بأنه يجري العمل حاليًّا على تطوير قطاع المسرح وإنتاج الأفلام. كما كشف الوزير العواد عن نية الوزارة إطلاق "مركز الاتصال الحكومي" قريبًا، وكذلك سيتم إطلاق مراكز ثقافية إعلامية في لندن وموسكو وبرلين وباريس وغيرها. وختم العواد بالتأكيد على أن المملكة دولة عظيمة وهي محور السلام ومنبع القيم والثقافات وهي مؤثرة دوليًّا، ويجب أن يكون إعلامها وثقافتها وتراثها سياحتها بمستواها المتفوق. وكرمت الهيئة ضيف لقائها السنوي، حيث سلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة إهداءً لمعالي وزير الثقافة والإعلام من المنتجات الحرفية المحلية. وتضمن اللقاء تكريم عدد من الجهات والشخصيات التي أسهمت في دعم الهيئة وقطاع السياحة والتراث الوطني. وقد اعتادت الهيئة على أن تستضيف في لقائها السنوي شخصية بارزة أسهمت في دعم السياحة المحلية والتراث الوطني. وتأتي استضافة الهيئة لهذه الشخصيات في إطار تعزيز ثقافة الشراكة مع القطاعين العام والخاص بوصفهما الشريك الرئيس في إحداث التنمية السياحية، وذلك من خلال استضافة أمراء المناطق ورؤساء مجالس التنمية السياحية ذوي التجارب الناجحة في التطوير السياحي والإداري، والوزراء للالتقاء بمنسوبي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني سنويًّا والحديث عن تجربتهم. وتقوم الهيئة في لقائها السنوي أيضًا بتكريم عدد من الشخصيات والجهات التي أسهمت في دعم السياحة الوطنية.