فرحة عارمة تعيشها المرأة السعودية في هذه الأثناء، بعد القرار المفاجئ والتاريخي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بالسماح بإصدار رخص القيادة للنساء بدءاً من شهر يونيو المقبل. هذا الخبر الذي لطالما كان مادةً دسمة للتداول في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كافة، وقضية شائكة بين تيارات مختلفة لها رؤى وأفكار متضاربة تتجاذب أطراف هذه القضية دون الوصول إلى نقطة التقاء، ناهيك عن العادات والتقاليد السعودية التي كانت عادة تقف كحجر عثرة في طريق عجلة التغيير أياً كان ذلك التغيير سواء كان سلبياً أو إيجابياً. القرار التاريخي كان بتأييد من هيئة كبار العلماء، حيث إنه لا يوجد نص شرعي يُحرِّم قيادة المرأة للسيارة، ونحن بلد نعمل بتعاليم الإسلام ونعرف تماماً أن الأصل في الإسلام الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم. بل إن قيادة المرأة للسيارة فيها درء لمفاسد كثيرة أهمها الاعتماد على السائق الأجنبي وما لذلك من مخاطر أمنية وأخلاقية واقتصادية أكبر من مخاطر قيادة المرأة للسيارة، لذا فقيادتها ضرورة وليست ترفاً "خاصة عند الأزمات". اقتصادياً، هذا القرار سيوفر للأسَر السعودية مليارات الريالات بعد الاستغناء عن السائق الأجنبي ويعزز قطاعات مثل مبيعات السيارات والتأمين، ويؤكد للمستثمرين أن مسعى المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط يمضي في مساره. كذلك سيشجع القرار على انضمام المزيد من النساء إلى قوة العمل ويزيد الإنتاجية في الاقتصاد، والتي هي أحد الإصلاحات الاقتصادية التي تضمنتها رؤية المملكة 2030 بزيادة مشاركة المرأة في قوة العمل لتصل إلى 30% بحلول 2030 من 22% حالياً. قرار قيادة المرأة للسيارة جاء ليؤكد أن المجتمع السعودي بات قادراً على تقبّل خطوات التنمية، كما أن القرار يعطي ثقةً لسيدات المملكة بأن يكنّ عناصر فعالة في المجتمع، فكل ما كان يعطلها أصبح اليوم من الماضي وقصصاً تروى للأجيال القادمة.