يأتي طواف الإفاضة للحجّ بعد أن يفيض الحجّاج من عرفة ومزدلفة، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق}. وقال الإمام ابن قدامة- رحمه اللَّه- في كتابه “المغني”: “إن طواف الإفاضة سمي أيضًا بطواف الزّيارة؛ لأنّه يأتي من منى فيزور البيت، ولا يقيم بمكّة بل يرجع إلى منى، ويُسمَّى طواف الإفاضة؛ لأنّه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، وهو ركن للحج، لا يتمُّ إلا به، لا نعلم فيه خلافًا”. ولطواف الإفاضة وقتان، وهما وقت فضيلة، ووقت إجزاء، فأمّا وقت الفضيلة فيكون في يوم النّحر، وذلك بعد الرّمي، والنّحر، والحلق. وأمّا وقت جواز طواف الإفاضة فأوله يكون من بعد منتصف الليل من ليلة النّحر، وهذا ما قال به الإمام أحمد، والشّافعي، وقد قال أبو حنيفة: إنّ أوّله يكون وقت طلوع الفجر من يوم النّحر، وآخره في آخر أيام النّحر، وهذا الأمر مبنيٌّ على أوّل وقت الرّمي، وأمّا آخر وقته فقد احتجّ بأنَّه نُسُكٌ يفعل في الحجّ، فكان آخر وقته محدودًا مثل الوقوف والرّمي. وكان ضيوف الرحمن قد توجهوا اليوم أفواجًا إلى بيت الله الحرام مهللين مكبرين تملأ قلوبهم الفرحة والسرور، بعد أن مَنّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم قضائهم الليل في مشعر مزدلفة وقيامهم برمي الجمرة الكبرى صباح هذا اليوم بمنى، وهم ينعمون بالراحة والاطمئنان. يأتي ذلك وسط جهود مضنية يبذلها رجال الأمن من أجل التسهيل على حجاج بيت الله الحرام لوصولهم للمسجد الحرام ليطوفوا طواف الإفاضة. وسخرت إدارات الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مع الجهات الحكومية المختلفة جميع الإمكانيات لتنظيم تفويج الحجاج إلى المسجد الحرام وساحاته، وتنظيم دخولهم عبر أدواره وبواباته المتعددة، في إطار تنفيذ خطة موسم الحج هذا العام في مرحلتها الثانية، التي تهدف إلى تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، وتكثيف برامج التوجيه والإرشاد وأعمال النظافة وسقيا زمزم والعربات والصيانة والتشغيل التي مكّنت بعد عون الله وتوفيقه من أداء المصلين صلاتهم بكل يسر وسهولة.