في الآونة الأخيرة، ينشط سوق العيادات النفسيَّة حول العالم، وغالبيَّة المترددين إليها، هم من المقتدرين ماليًّا، والنافذين اجتماعيًّا، طلبًا لعقاقير مهدِّئة للحدِّ من قلَّة النوم وآلام الكآبة والقلق التي تُساورهم على مستقبل ثرواتهم، ونفوذهم. ومع أنَّ الغيب لا يعلمه إلَّا الله، يتوجَّه بعضهم لاستقراء الطالع عند محترفي قراءة الشخصيَّة، وما يساورها من قلقٍ واكتئاب! نجد في التاريخ عددًا من رجال السياسة حول العالم عُرِفوا بترددهم على ما يُسمَّون ب»قرَّاء الطالع»! ويعتبر بعض الرؤساء الأمريكيِّين من بين أكثر الزعماء تطيُّرًا في العالم. ففرانكلين روزفلت، لم يكن من الممكن أن يسافر أبدًا يوم جمعة، أو يجلس إلى مائدة تضمُّ ثلاثة عشر شخصًا قبل استشارة قارئ الطالع. ويقال إنَّ أبراهام لنكولن كان بعد استشارة أحد هؤلاءِ قد تنبَّأ بموته قبل اغتياله بوقت قصير. وخلال مدَّة ولاية الرئيس رونالد ريجان، دأبت زوجته نانسي على الاستعانة بالمنجِّمة جوان كويجلي، التي لم تقدِّم لهما نصائح فيما يتعلق بالسباق نحو البيت الأبيض فحسب، بل في توقيت اتِّخاذ القرارات السياسيَّة الحاسمة، كقصف ليبيا، على سبيل المثال. ومن المعروف أنَّ ريجان كان قد ساند جورج بوش الأب استنادًا إلى نصيحة منجِّمة كانت قد استطلعت ما يتوافق مع برجيهما! من نِعَم المولى علينا أن هدانا بالقرآن الكريم إلى ما فيه صلاح نفوسنا وأحوالنا بقوله تعالى: (إِنَ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا). وفي قوله: (قُلْ لَنْ يُصِيْبُنَا اِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا). وأوصانا بالصبر والصلاة. وقد هيَّأ لنا من الأماكن المقدسة ما يريح النفس عند زيارتنا لها، وتكفي زيارة للمسجد النبويِّ الشريف لمشاهدة الغبطة والسرور على وجوه ألوف المعتمرين الذين أتمُّوا مناسك العمرة، وقصدوا بيت رسولنا الكريم للسلام والتحيَّة، وأدُّوا ما تيسَّر لهم من صلاة في الروضة الشريفة، فبعد التشرُّف بالسلام والصلاة يبدون وقد تخَّلصوا من شوائب الكدر والهم، مستبشرين بقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الّذِيْنَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). لا بدَّ من التنويه بالجهود الجبَّارة التي بُذلت لزيادة مساحات الحرم النبوي الشريف ليستوعب الأعداد المتزايدة من الزوَّار، والثناء على عناية إدارة الحرمين بالتوجيه والإرشاد.. وأختم بتهنئة من أكرمهم الله بأداء العمرة في هذه الأيَّام المباركة، واتبعوها بزيارة رسولنا الكريم في المدينة المنوَّرة، داعيًا لهم بعودة بالسلامة إلى أهاليهم وبلدانهم، وأن يكونوا من العائدين الفائزين برضى الرحمن وراحة البال وهم يردِّدون: ألَا بذكر الله تطمئنُّ القلوب؟.