الدول والمؤسسات والأفراد الذين يملكون فائضاً من المال يعمدون لوضعه في مكان آمن يدر عليهم دخلاً يعزز من قدراتهم المادية ويوفر فرصاً أكبر للنمو والازدهار.وكما قيل المال يذهب الى حيث فرص الاستثمار والنمو بعيداً عن الجمود والتآكل أو التناقص بسبب عدم اقتناص الفرص وعدم الإقدام على درجة من المخاطر المحسوبة. وحس الاستثمار وتعمير الأرض موجود لدى الإنسان بالفطرة وإلا لكانت الدنيا والثروات الطبيعية استمرت على وضعها قبل وجود الإنسان على وجه الأرض ولبقيت الحياة بدائية وثرواتها الطبيعية مهملة. هذا مدخل مبسط جداً لفلسفة الاستثمار،والاستثمار له مفهوم لصيق بمفهوم التنمية الشرط الأساس للتغيير الذي يُعد من سنن الحياة لأن التنمية - والتنمية المستدامة على وجه الخصوص - تغير أحوال البشر وتنمي قدراتهم وتحسِّن طرق حياتهم وتهذِّب وسائل تعاملاتهم وهي في تغيير مستمر لايتوقف. فالتعليم تنمية .. والاستثمار وإعمار الأرض تنمية واستثمار.. والتصنيع والابتكارات تنمية واستثمار ...الخ أنشطة الحياة دائمة الدوران والاستمرارية بقدرة الله سبحانه وتعالى. ومن عوامل الاستثمار والتنمية الناجحة التنوع والتجديد وإعادة الهيكلة والبناء.والدول الناجحة في مضامير الاستثمارات والتنمية هي التي ركزت على تنمية مواردها الداخلية وضخ أكبر قدر من الطاقات في قنوات الاستثمارات التي تولد وظائف وتدورالأموال والصرف داخلياً لكي تزدهر الحياة وتنعم الشعوب وتنمو أجيالها في رخاء وأمن واستقرار. وعندما ننظر لاستثمارات الدولة نجد أنها لم تترك فرصة إنشاء أي مشروع جديد إلا وشاركت في رسملته بنسبة استثمارية مثل البنوك والشركات الصناعية الكبرى مثل سابك العملاق الصناعي الناجح وشركة الخدمات مثل الكهرباء والاتصالات وغيرها. وقد حققت هذه النماذج التنموية والاستثمارية أغراضاً عدة منها إبقاء رأس المال في السوق المحلي وتوفير وظائف للمواطنين بالإضافة الى أن في ذلك ضماناً حذراً من التقلبات السياسية في الخارج وتجنب المخاطر التي قد تصبح خارجة عن السيطرة في بعض الحالات. إن فكرة السعي لجذب استثمارات من الخارج وفي نفس الوقت الذهاب بأموال وطنية الى الخارج تحتاج لمزيد من الشفافية والوضوح لأن العديد من مشاريع البنية التحتية تأخرت لعدم وجود السيولة وأصبحت تكلفتها عالية جداً بسبب ذلك التأخير. كما أن السعي وراء جذب الاستثمار من الخارج وفي نفس الوقت الذهاب بالاموال للاستثمار خارج الحدود يتطلب دراسة متوازنة تبرر هجرة الأموال على حساب الحاجة لها في الاقتصاد المحلي. فإذا كان هناك فرص استثمارية ذات جدوى في داخل الوطن فلماذا لا تعطى الأولوية لرأس المال المحلي أولاً قبل أن تتاح الفرص لجذب الأموال من الخارج؟ حيث إنه من غير المعقول أن يقدم أي رأس مال أجنبي على دخول الأسواق المحلية ما لم يكن هناك تأكيد بانه سيجني أرباحاً كبيرة من وراء ذلك الاستثمار. قد تكون فلسفة الاستثمارات الخارجية واضحة لدى المسؤولين عن ذلك ولكن الحاجة ملحة للإيضاح والشفافية حتى تكتمل الصورة. [email protected]