في الشهر الماضي قام عدد من عمَّال بعض شركات المقاولات الكُبرَى ببعض الأعمال التخريبيَّة، مثل سد الطرقات، وإشعال النيران في بعض السيارات، وذلك بسبب تأخُّر رواتبهم لعدَّة أشهر، وعدم استلام مستحقاتهم، وإنهاء أوضاعهم لدى تلك الشركات التي يعملون لديها؛ ممَّا أدَّى إلى أن تقوم الدولة -مشكورة- بالتحرُّك سريعًا للتعامل مباشرة مع هذه القضيَّة، والتنسيق مع تلك العمالة لمعالجة أوضاعها مباشرة، وتوفير المواد الغذائيَّة، والخدمات الصحيَّة لمَن يحتاج منهم مجانًا، إضافة إلى السماح لهم بنقل كفالاتهم، وتجديد إقاماتهم، وإجراء الخروج والعودة، أو الخروج النهائي لمَن يرغب منهم مجانًا، وتوفير كافَّة التسهيلات اللازمة لهم لإنهاء تلك الأزمة، على أن تُخصم قيمة كل تلك الخدمات من المستحقات الخاصَّة بتلك الشركات لدى الدولة. هذا الأسبوع عادت أزمة تأخُّر الرواتب، ولكنَّها هذه المرَّة ليست في شركات المقاولات، بل في أحد المستشفيات الخاصَّة في المنطقة الشرقيَّة؛ ممَّا أدَّى إلى امتناع الموظفين عن العمل، وتجمُّعهم خارج المستشفى، حيث بلغ عدد الذين لم يتسلَّموا رواتبهم -كما ذكرت صحيفة الحياة بالأمس- أكثر من 700 موظف، وممرض، وأخصائي، وفني، واستشاري، وقد أوضح الطاقم الطبي الممتنع عن العمل أنَّ سبب امتناعهم عن العمل هو عدم تسلُّمهم رواتبهم لمدَّة تزيد على ال4 أشهر، في الوقت الذي لم يتحرَّك فيه المستشفى لمعالجة هذه المشكلة بالشكل المطلوب، مع العلم أنَّ هذه الأزمة قد سبق أن حدثت قبل ذلك، ممَّا جعل وزارة العمل تقوم بوقف بعض الخدمات عن المستشفى. تأخير صرف مستحقات الموظفين أمرٌ يجب أن يتم التعامل معه بكل صرامة، فهؤلاء الموظفون لديهم التزامات أسريَّة، ولديهم أطفال، وهم في بداية موسم دراسي يتطلَّب الكثير من الاحتياجات، فضلاً عن سداد العديد من الأقساط المستحقَّة، أو فواتير الخدمات العامَّة كالهاتف، والكهرباء، فكيف يمكن لتلك الأسر، والعوائل أن تعيش وهي لم تستلم مستحقَّاتها منذ 4 أشهر، وهذا ما دفع بعوائل الموظَّفين للمشاركة في مطالبة إدارة المستشفى بسداد الرواتب المتأخِّرة. عدم سداد الرواتب الشهريَّة للموظفين من قِبَل بعض الشركات هو حلقة في سلسلة كارثيَّة لا تمس القطاع الخاص فقط، بل تمس الأمن الوطني أيضًا، فبالأمس أوقف العمَّال العمل في المشروعات، واليوم أوقف الأطباء العمل في المستشفى، والذي يحوي مرضى، هم في أمسِّ الحاجة للعلاج، فلابدَّ للجهات المعنيَّة أن تتدخل فورًا، وتعمل على سرعة معالجة هذه الأوضاع، ووضع الأنظمة والقوانين التي تكفل عدم تكرارها مستقبلاً لدى الشركات، فالتوقُّف عن العمل، أو القيام بأعمال تخريبيَّة هي ممارسات تُشوِّه اقتصادنا، كما تُشوِّه الثقة في القطاع الخاص الذي هو شريك إستراتيجي للقطاع الحكومي، وهو المركز الأساس لتوليد فرص العمل، والذي تُعوِّل عليه الدولة مستقبلاً. [email protected]