الجدل الطويل حول الوظيفة الأهم للجامعات لا يزال مستمرًا، بل ويزداد ضراوة واحتداما مع تدهور الأوضاع الاقتصادية حول العالم، وارتفاع نسب البطالة لأسباب من أهمها ضعف التأهيل العلمي المطلوب في سوق العمل مقارنة بالكم التنظيري غير المقترن ببرامج تدريبية ناجحة. هل التعليم الجامعي للتعليم أم هو للتوظيف؟! وفي 12 أغسطس المنصرم كتب السيد دافيد جولدبرج مقالًا بعنوان: (قريبًا سنرى جامعة U)، ويقصد بها Uber نسبة إلى تطبيق أوبر الذي يقدم خدمة النقل الشخصي حسب الطلب. وبسبب الأوضاع الاقتصادية يلاحظ الكاتب التوجه العام نحو نزع الصلاحيات (الأكاديمية) من عالم الأكاديميين إلى مناطق نفوذ الإداريين، إذ باتت معظم القرارات الحاسمة تصدر من أعلى الهرم إلى القاعدة الأكاديمية دون اعتبار لها كما كان الحال حتى عهد قريب. وفي خضم هذه المعمعة بات التوجه نحو تحميل الوحدة الأكاديمية مزيدًا من الأعباء المالية، مثل فاتورة الكهرباء التي تستهلكها الوحدة، ومثل استئجار قاعات المحاضرات وأمور النظافة وخدمات السكرتارية، والإجازات الإجبارية بدون راتب وغيرها، في حين يظل المورد الرئيسي للقسم الأكاديمي هو جزئية رسوم الدراسة المحصلة من الطالب المسجل في المواد التي يقدمها القسم. وفي الوقت نفسه ترتفع تكاليف التعليم الجامعي التي يتحملها الطالب في الولاياتالمتحدة بصورة أساسية، ومع ارتفاع التكاليف تكثر المطالبات بالإعداد الجيد لسوق العمل، وهو ما لا يتفق مع رسالة التعليم الجامعي في معظم الجامعات المحترمة، والتي تؤكد أهمية تزويد الطالب بالمهارات الأساسية كي يصبح (متعلمًا) طوال حياته، بمعنى امتلاكه القدرة على مواصلة التعلم وتطوير ذاته كما التأثير الإيجابي في بيئة عمله. أما الطرف المقابل فلا يريد إلاّ (حزمة) معلّبة من المعارف والمهارات والتدريب لمواجهة حاجات معينة يريدها سوق العمل في وقت ما. هذا التوجه كما يؤكد الكاتب هو الذي تسميه الأدبيات الحديثة (جامعة أوبر)، أي توفير أسرع لاحتياج مؤقت، أو الخدمة حسب الطلب. مضمون الفكرة هو توفير مقررات دراسية عبر الشبكة الإلكترونية لتغطية ما يُحسب أنها (احتياجات فعلية) لأداء وظيفة معينة، وعلى مستوى درجة البكالوريوس. ربما كان هذا (التعليم المعلّب) هو (موضة) العقود القادمة للتعليم في الجامعة. [email protected]