ما يزال الترويع مستمرًا، والقتل حلالاً في بلاد المسلمين، وبلاد غير المسلمين من فئة ضالَّة، تحمل أسماء عربيَّة، وتنحدر من أصول عربيَّة وبربريَّة. فِئة تعمل بالحقد والكراهية، للقضاء على سمعة المسلمين من أمَّة آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، لا تُفرِّق بين أحدٍ من رسله. وقد شاء المولى خالق البشر أن جعل خلقه من البشر شعوبًا وقبائلَ ليتعارفوا، ويتعايشوا على البرِّ والتقوى. وكان لأعداء الإسلام ما مكَّنهم من استدراج الموتورين، والحاقدين من مخلَّفات ثورة أفغانستان على المحتلِّين السوفييت؛ للعمل ضدَّ التيَّار الإسلاميِّ بملابس وشعارات ظاهرها العودة إلى ما كان عليه المسلمون قبل أربعة عشر قرنًا من أُسلوب حياة ولباسٍ، وباطنها الكفر والفسوق، والبُعد عن العقيدة السمحة. وقد تفنَّن قادة هذه الفئة الضالَّة والمضلَّلة من تبنِّي الأطفال من ذكور وإناث أفرزتهم الكوارث التي حلَّت بالعراق، وسوريا، وتونس، والجزائر -على سبيل الذكر لا الحصر- لسوء الإدارة في بلدانهم، وفساد حكَّامهم ومَن حولهم من زبانية السلطة والتسلُّط. وكذا سوء الأوضاع الاقتصاديَّة وضياع الروابط الأسريَّة، فزرعوا الحقد والكراهية في عقول أولئك الناشئة، ودرَّبوهم نفسيًّا وعمليًّا ليتقبَّلوا عن رضا وقناعة قطع الرؤوس، وإسالة الدماء حتَّى لأقرب الناس اليهم، تقرُّبًا من ربٍّ يجهلون تعاليمه التي وجَّه بها الرسل والأنبياء لنشر المحبَّة والإخاء بين جميع البشر. ساروا على خُطى حسن الصبَّاح؛ مؤسِّس فرقة الحشَّاشين الانتحاريَّة، على أمل أن تتلقَّى من يقتل منهم عشرات الحور العين، فينالون منهنَّ من متع الحياة ما حُرموا منه في الحياة الدُّنيا؛ لذا، نرى الفتيان الذين يفجِّرون أنفسهم لقتل الأبرياء في مقتبل العمر، وشيوخهم من الطاعنين في العمر ممَّن فاتهم قطار توزيع الأرزاق والمناصب في شبابهم؛ لعيب فيهم لا يقرُّون به. مع هذا، لا نعفي العديد من الحكَّام، والقادة العرب، والمسلمين الذين استولوا على السلطة في بلدانهم في غفلة من الزمن على ظهر دبَّابة اقتحمت قصر الحكم، ودبَّابة أُخرى اقتحمت مبنى الإذاعة والتلفزيون لتذيع البلاغ رقم واحد عن انتفاضة الجيش، بقيادة زعيمه البطل للقضاء على الفساد والمفسدين، فكانت المحصلة حكم المفسدين والعابثين في الأرض فسادًا، يذيقون شعوبهم سوء العذاب. لم تسلم حتَّى المقدَّسات، ولا عواصم العلم والثقافة من ضرباتهم الموجعة والمؤلمة، وأحدثها ما حلَّ بمدينة نيس الفرنسيَّة من عمل إجرامي اقترفه فرنسي من أصلٍ تونسيٍّ، أدَّى إلى قتل العشرات، وإصابة الكثيرين من الأبرياء من أجل «عشرات من الحور العين»، زرعها قادتهم في أدمغتهم الفارغة، ومعتقدهم الذي لا يقرِّه عُرف ولا دين. وقبل نيس بالقَرب من الحرم المدني الشريف في ليلة من ليالي القدر، فَجَّر مراهق نفسه، واستُشْهِد عدد من حماة الوطن تداركوه في بدايةِ مشواره الانتحاريّ الذي لو تمَّ ودخل الحرم؛ لقضى على حياة الآلاف من المصلِّين. ترى هل بين علماء النفس مَن يحلِّل ظاهرة استقطاب الفتيان في أعمارهم الأولى لغسل أدمغتهم، وزرع روح الفداء في وهمٍ لا وجود له إلاَّ في مخيَّلتهم، فيجد العلاج الناجع لهم ولنا، وعودة سِمعة المسلمين لما عُرف عنهم من سماحة، وصفح يعرفها الغرب قبل المشرق، ومثلها الأعلى القائد المسلم صلاح الدين الأيُّوبي محرر بيت المقدس، بعد الأسر الصليبي الغربي الذي استمرَّ لمئة سنة!